إذا العارض الوسمي جاد فأسبلا

إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا

فَقُل سَقِّ بِالحِزانِ رَبعاً وَمَنزِلا

وَمَهما تَبَخَّلتَ الرَبابَ فَزُر بِهِ

طُلُولاً بَصَحراءِ النُخَيلَةَ مُثَّلا

يُفَرِّقُ في الغَبراءِ ظَبياً وَمِكنَساً

وَيَرمي مِنَ الشَغواءِ وَكراً وَأَجدَلا

وَرَوّى شَماريخَ المَضيقِ بِصَيّبٍ

يُرى مِنهُ أَسرابُ الأَياييلِ جُفَّلا

إِذا وَأَلَت مِن رَيِّقِ الوَبلِ لَم تَجِدِ

لَها غَيرَ أَهدابِ الطَرافيِّ مَوئلا

تَشابَكنَ بِالأَفنانِ عُصلاً كَأَنَّما

تَحَمَّلنَ مِنهُنَّ النَخيلَ المُنَخَّلا

وَعُج عَوجَةً بِالرقَّتَينِ فَسَقِّها

حَياءً إِذا ما جَلجَلَ الرَعدُ أَسبَلا

يُغادِرُ مِن كُلِّ النَواحي بِأَرضِها

غَديراً كَذَيلِ السابِرِيِّ وَجَدوَلا

وَإِن كانَ يَغنيها المُعِزُّ بنُ صالِحٍ

عَن العارِضِ الوَسميِّ أَن يَتَهَلَّلا

فَتىً طالَ بِالإِحسانِ وَالطَولِ قَدرُهُ

وَما طالَ قَدرُ المَرءِ حَتّى تَطَوَّلا

لَهُ راحَةٌ في أَن يَرى كُلَّ راحَةٍ

بِلا رَاحَةٍ مِن أَن تَجودَ وَتُفضِلا

وَلَيلٍ نَضَينا العِيسَ فيهِ إِلى فَتىً

هُدى العِيسِ فيهِ بَعدَ أَن كُنَّ ضُلَّلا

وَجُبنا إِلَيهِ كُلَّ تَيهاءَ لا تَرى

بِها غَيرَ سِيدانِ الظَهيرَةِ عُسَّلا

إِذا جُعنَ أَدمَنَّ العُواءَ كَأَنَّما

ثَمِلنَ فَأَكثَرنَ الغناءَ المُرَتَّلا

خِماصٌ إِذا ما رُحنَ كُلَّ عَشِيَّةٍ

إِلى الوُجرِ أَشبَهنَ الدِمَقسَ المبقِّلا

وَغُبرُ النَعامِ الرُبدِ يَرقُصنَ كُلَّما

تَوَجَّسنَ في الظَلماءِ لِلرَكبِ أَزمَلا

كَأَنَّ قُسوساً بِالأَداحيِّ أَصبَحَت

مُكَوَّسَةً تَتلو الكِتابَ المُنزَّلا

وَحِقبٌ إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ

نَجَعنَ الحَيا مِن أَيِّ صَوبٍ تَخَيَّلا

وَرُحنَ يُرَجِّعنَ السَحيلَ تَوالياً

إِلى حَيثُ يَتلو ساطِعُ البَرقِ مِسحَلا

وَخَيلٍ يُحَفِّرنَ الصَفا بِحَوافِرٍ

يُلَقِّينَ مِنها جَندَلَ القاعِ جَندَلا

إِذا ما قَدَحنَ النارَ مِن كُلِّ جَروَلٍ

يُضِئنَ بِها في ظُلمَةِ اللَيلِ مِشعَلا

عَوايِدُ مَيمُونِ النَقيبَةِ لا يَرى

عَلى نَيلِهِ في الناسِ أَن يَتَنَيَّلا

فَلَمّا وَصَلنَ المُدرِكي ابنَ صالِحٍ

وَصَلنَ أَجَلَّ الناسِ قَدراً وَأَفضَلا

فَتى كَرَمٍ لا يُقفَلُ الرِزقُ دُونَهُ

إِذا باتَ بابُ الرِزقُ دُونَكَ مُقفلا

مَتى ما يُؤمَّل لَم يَزُل مِن جَنابِهِ

مُؤَمِّلُهُ حَتّى يَصيرُ مُؤَملا

فَزُرهُ تَزُر مَن لا يُخلّيهِ مُرمِلا

مِنَ المالِ إِلا سائِلٌ جاءَ مُرمِلا

بَنى لِبَني الشَدّادِ فَخراً مُوَطَداً

عَلى كُلِّ مَخلوقٍ وَمَجداً مُؤَثَّلا

بِعَزمٍ ثَنى صَدرَ القَناةِ مُحَطَّماً

وَرَدَّ غِرارَ المَشرَفيّ مُفَلَّلا

نَسِينا بِهِ مَن كانَ في الدَهرِ قَبلَه

وَكَم قَد رَأَينا آخِراً فاقَ أَوَّلا

وَقَد فَضَّلَ اللَهُ الرَسولَ مُحَمَّداً

عَلى كُلِّ مَن قَد كانَ مِن قَبلُ مُرسَلا

وَإِن طاعَنَ الأَقرانَ لَم يقبقِ حَلقَةً

عَلى دارِعٍ إِلّا وَيُوضِحُ مَقتَلا

يَخَوضُ بِهِ الطِرفُ الأَغَرُّ دَمَ العِدى

وَلا يَنثَني إِلّا أَغَرَّ مُحَجَّلا

وَنَظما رِماحُ الخَطِّ حَتّى يَمَسَّها

يَمينُ ثِمالٍ ثُمَّ تُشرَعَ مَنهَلا

أَبا صالِحٍ لا خَلقَ إِلّاكَ مُحسِناً

وَلا مَلِكٌ إِلّاكَ في الناسِ مُفضِلا

شَجُعتَ فَصَيَّرتَ الشُجاعَ مُرَوَّعاً

وَجُدتَ فَغادَرتَ الجَوادَ مُبَخَّلا

وَحَمَّلتَني ما لَو تَحَمَّلَ بَعضَهُ

ثَبيرٌ لَأَوهى رُكنَهُ ما تَحَمَّلا

فَلا زِلتُ أُثني فيكَ مَدحاً مُحَبّراً

وَأَنظِمُ عِقداً مِن ثَناكَ مُفَصَّلا