جميلك لا يجزيه شكري ولا حمدي

جَميلُكَ لا يَجزيهِ شُكري وَلا حَمدي

وَرِفدُكَ أَغنى قَبلَ رِفدِ ذَوي الرِفدِ

وَتُسدي إِلَيَّ الفَضلَ مِن كُلِّ وجهَةٍ

وَجاهُكَ بَينَ الخافِقَينِ هُوَ المُسدي

كَرُمتَ فَأَكسَبتَ العَبيدَ كَرامَةً

فَمِن شَرَفِ المَولى أَتى شَرَفُ العَبدِ

وَلَولاكَ لَم يُعرَف مَكاني وَلَم يَطُل

لِساني وَلَمَ تُخصِب يَفاعي وَلا وُهدي

وَقَد كُنتُ مَقبوضَ اليَدَينِ عَنِ الغِنى

فَطَوَّلتَ باعي بِالجَميلِ الَّذي تُسدي

وَكَثَّرت حُسّادي وَثَمَّرتَ نِعمَتي

وَذَلَّلتِ لِي دَهرِي وَأَوضَحتَ لي رُشدي

وَأَغنَيتَني حَتّى كَأَنَّكَ ضامِنٌ

لِنَسليَ أَلّا يَعدَمُوا ثَروَةً بَعدي

وَقَد كُنتُ في ضَنكٍ مِنَ العَيشِ بُرهَةً

فَأَصبَحتُ مِن نُعماكَ في عِيشَةٍ رَغدٍ

وَرى بِكَ زندي بَعدَما كانَ مُصلِداً

وَأَورَقَ غُصني بَعدَما كادَ أَن يُكدي

وَقَد مَلَأَ الآفاقَ حَمدي وَكُلَّما

حَمَدتُكَ زادَت مكرُماتُكَ عَن حَمدي

سَأُجهِدُ نَفسي في الثَناءِ وَلَيتَني

جَزَيتُ يَسيراً مِن جَميلِكِ في جُهدي

أَبا صالِحٍ أَصبَحتَ فَرداً وَأَصبَحَت

مَعاليكَ أَفراداً مِنَ الصَمَدِ الفردِ

ضَميرُكَ لِلتَقوى وَسَعيُكَ لِلعُلى

وَمالُكَ لِلنُعمى وَعُمرُكَ لِلمَجدِ

إِذا ما زَحَمتَ الجَيشَ بِالجَيشِ مُيِّلَت

مُتُونُ الأَعادي عَن مُتُونِ القَنا المُلدِ

شَكَتكَ الوَغا مِما تَشِبُّ سَعِيرَها

وَمِمّا تَلُفُّ الضُمَّرَ الجُردَ بِالجُردِ

وَمِمّا تَسُدُّ الجَوَّ في كُلِّ مَعرَكٍ

وَتُردي العِدى وَالخَيلُ شازِبَةً تُردي

حَوَيتَ العُلى مُذ كُنتَ طِفلاً وَمُهِّدَت

بِكَ الأَرضُ مُذ لُفَّت ثِيابُكَ في المَهدِ

فِداكَ جَميعُ العالَمينَ مِنَ الرَدى

فَإِنَّ الَّذي يُفدى نَظيرُ الَّذي يَفدي

وَقَفتُ فَأَبدَيتُ الثَناءَ وَإِنَّني

أُسِرُّ مِنَ الإِخلاصِ أَضعافَ ما أُبدي

فَلا حُبَّ إِلّا دُونَ حُبِّي وَصُحبَتي

وَلا وُدَّ إِلّا دُونَ ما صَحَّ مِن وُدِّي

حَياتُكَ أَشهى في فُؤادي مِنَ التُقى

وَشُكرُكَ أَحلى في لِساني مِنَ الشَهدِ

فَعِش لا خَلا مِنكَ الزَمانُ وَلا خَلَت

قَصُورُكَ مِن عزٍّ مُقيمِ وَمِن سَعدِ