لا زال سعيك مقرونا به الرشد

لا زالَ سَعيُكَ مَقروناً بِهِ الرَشَدُ

وَطُولُ عُمرِكَ مَعموراً بِهِ الأَبَدُ

يا بَحرَ جُودٍ إِذا جادَت غَوارِبُهُ

فَكُلُّ بَحرٍ سِواهُ في النَدى ثَمَدُ

كَم مِن يَدلَكَ عِندَ المَجدِ قَد غَرَسَت

مَكارِماً ما لِمَخلوقٍ بِهِنَّ يَدُ

يَنتابُكَ الناسُ أَفواجاً فَتُصدِرُهُم

عَن مَورِدٍ غَيرِ مَذمومٍ إِذا وَرَدُوا

وَيُصبحُ القَومُ يَهدِي مِن حَدِيثِهمُ

إِلَيكَ حَمداً بَعيداً كُلَّما بَعُدُوا

أَمُّوا نَداكَ ففازُوا بِالَّذي طَلَبوا

وَفُزتَ مِنهُم بِما أَثنَوا وَما حَمَدوا

مِن كُلِّ مُجتَهدٍ يُثني وَأَنتَ لَهُ

فيما بَذَلتَ مِنَ الإِحسانِ مُجتَهِدُ

مَنَّت عَلَيكَ بِهِ البَيداءُ وَاِبتَدَأَت

فِعلاً جَميلاً إِلَيهِ العِرمِسُ الأُجُدُ

وَفِتيَةٍ أنجَدَت في المُقفِراتِ بِهِم

عَرامِسٌ طالَ مِن إِنجادِها النُجُدُ

أَسرَت يُغَمِّضُ طُولُ السَيرِ أَعيُنها

وَطالَما كَفَّ عَن أَبصارِها الرَمَدُ

تَلقى السِياطَ بِأَقرابٍ مُلَحَّبَةٍ

مِثلَ السِياطِ مِنَ الوَخدِ الَّذي تَخِدُ

مَجهولَةُ البِيدِ لَم يُمدَد بِها طُنُبٌ

مِنَ الغَريبِ وَلَم يُضرَب بِها وَتِدُ

كَأَنَّما الآلُ فيها حينَ تَنظُرُهُ

يَمٌّ وَمَوّارُها مِن فَوقِهِ زَبَدُ

ضَلُّوا بِها فَهَداهُم في الدُجى مَلِكٌ

جَبِينُهُ مِثلَ نُورِ الشَمسِ يَتَّقِدُ

أَغَرُّ لا يَقصِدُ القُصّادُ نائِلَهُ

إِلّا وَيَغمرُهُم مَعرُوفُ مَن قَصَدُوا

مِن آل مِرداسَ خَيرِ الناسِ إِن رَحَلَوا

وَإِن أَقامُوا وَإِن غابُوا وَإِن شَهِدُوا

تَلقى النَدى وَالرَدى فيهم فَقَد عُرِفُوا

بِالصِدقِ إِن أَوعدُ وَاشَرّاً وَإِن وَعَدُوا

شُمُّ العَرانينِ في آنافِهِم أَنَفٌ

عَنِ القَبيحِ وَفي أَعناقِهم صَيَدُ

إِن تَلقَهُم تَلقَ مِنهُم في مَجالِسِهِم

قَوماً إِذا سُئِلُوا جادُوا بِما وَجَدُوا

نالُوا السَماءَ وَحَطّوا مِن نُفوسِهِم

إِنَّ الكِرامَ إِذا اِنحَطُّوا فَقَد صَعَدُوا

مُحَسَّدُونَ وَلَو لَم يَعلُ قَدرُهُم

عَن قَدرِ كُلِّ جَليلِ القَدرِ ما حُسِدُوا

بَنى المُعِزُّ لَهُم غَيطاءَ مُشرِفَةً

في العِزِّ لَم يَبنِها مِن قَبلِهِ أَحَدُ

يا عُدَّةَ الدَولَةِ القِرمُ الَّذي فَعَلَت

أَفعالَهُ الغُرُّ مالا تَفعَلُ العُدَدُ

جُزِيتَ مِن والِدٍ خَيراً عَلى نِعَمٍ

حَصَّلتَها فَتَلَقّى دَرَّها الوَلَدُ

وافى لِيَنعَمَ فيما قَد كَسِبتَ لَهُ

وَالشِبلُ يَأكُلُ مِمّا يَفرِسُ الأَسَدُ

فَاسلَم لَهُ وَلِثَغرٍ بِتَّ تَكَلأُهُ

مِنَ العَدُوِّ كَلاكَ الواحِدُ الأَحَدُ

وَلا خَلا مِنكَ لا سَمعٌ ولا بَصَرٌ

وَلا سَريرٌ وَلا قَصرٌ وَلا بَلَدُ