لو شئت أقصرت من لومي ومن عذلي

لَو شِئتِ أَقصَرتِ مِن لَومي وَمِن عَذَلي

فَالدَهرُ قَسَّمَ يَومَيهِ عَلَيَّ وَلي

لا تَحسَبِيني أَغُضُّ الطَرفَ مِن جَزَعٍ

فَالحُزنُ لِلخَودِ لَيسَ الحُزنُ لِلرَّجُلِ

كَم قَد عَرَتني مِنَ الأَيّامِ نائِبَةٌ

فَما اكتَرَثتُ لِرَيبِ الحادِثِ الجَلَلِ

إِنّا لَقَومٌ إِذا اِشتَدَّ الزَمانُ بِنا

كُنّا أَشَدَّ أَنابيباً مِن الأَسَلِ

يُبكى عَلَينا وَلا نَبكي عَلى أَحَدٍ

لَنَحنُ أَغلَظُ أَكباداً مِنَ الإِبِلِ

مِن مَعشَرٍ تَعصِفُ الأَهوالُ حَولَهُمُ

فَما يُراعُونَ عَصفَ الريحِ بِالجَبَلِ

خَيرُ الوَرى آلُ مِرداسٍ وَأَطهَرُهُم

مِنَ العُيوبِ وَأَبراهُم مِنَ الزَلَلِ

إِن تَلقَهُم تَلقَ مِنهُم في مَجالِسِهِم

شُمَّ العَرانين ضَرّابينَ لِلقُلَلِ

بِيضُ الوُجُوهِ إِذا لاحَت وَجُهوهُهُمُ

في حِندِسِ اللَيلِ جَلَّوا ظُلمَةَ الطَفَلِ

لا يَقلَقُونَ لِخَطبٍ مِن زَمانِهُم

ولا يَبيتُونَ سُهّاداً مِنَ الوَجَلِ

وَلا تَراهُم وَنارُ الخَطبِ مُوقَدَةٌ

صُمّاً إِذا ما دَعى الداعي مِنَ الفَشَلِ

رُوحي فِدىً لَهُمُ قَوماً إِذا وُزِنُوا

مالوا عَلى الناسِ مَيلَ الحَلي بِالعَطَلِ

يا أَكرَمَ الناسِ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمٍ

وَأَشجَعَ الناسِ مِن حافٍ وَمُنتَعِلٍ

أَنتَ الغَمامُ الَّذي يَهمي بِلا ضَجَرٍ

أَنتَ الجَوادُ الَّذي يُعطي بِلا بُخُلِ

أَنتَ الَّذي ما جَلَبتَ الخَيلَ ساهِمَةً

إِلّا وَزَلزَلتَ أَهلَ السَهلِ وَالجَبَلِ

لَو كانَ يُمكِنُ أَن نَخباكَ مِن أَلَمٍ

يُخشى خَبَيناكَ في الأَحداقِ وَالمُقَلِ

يَفدي المُعِزَّ رِجالٌ قَلَّ خَيرُهُمُ

كَما يَقِلُّ نَباتُ الماءِ في الوَشَلِ

لَيتَ المُلوكَ لَهُ مِمّا عَرا بَدلٌ

وَإِن هُمُ لَم يُساوُوا قِيمَةَ البَدَلِ