يا ليل طلت وطال الوجد والكمد

يا لَيلُ طُلتَ وَطالَ الوَجدُ وَالكَمَدُ

كِلاكُما مُستَمِرٌّ ما لَهُ أَمَدُ

لا دَرَّ درّك مِن لَيلٍ كَواكِبُهُ

طَلائِحُ الخَطوِ لا تَردي وَلا تَخِدُ

كَأَنَّها مِن فِراقِ اللَيلِ خائِفَةٌ

وَفي الصَباحِ عَلَيها لِلكَرى قَوَدُ

وَقَد تَعَرَّضت لِلجَوزاءِ طالِعَةً

مِثلَ الهَدِيِّ عَلَيها التاجُ مُنعَقِدُ

يا لَيلُ ما طُلتَ عَمّا كُنتُ أَعرِفُهُ

وَإِنَّما طالَ بي فيكَ الَّذي أَجِدُ

يا أُمَّ عَمروٍ لَقَد كَلَّفتِني كُلَفاً

مِنَ الصُدودِ فَقَلبي للرَدى صَدَدُ

أَتلَفتِ رُوحي وَما خَلَّفتِ لي جَسَداً

فَعُدتُ لَم يَبقَ لي رُوحٌ وَلا جَسَدُ

قَد كُنتُ جَلداً وَأَمَّا بَعدَ نَأيِكُمُ

فَلَيسَ لي في الهَوى صَبرٌ وَلا جَلَدُ

أَهوى المَزارَ وَكَم بَيني وَبَينَكُمُ

مِن شاهِقِ الصَمدِ أَعلى سَمكَهُ الصَمَدُ

وَمِن فَلاةٍ شَطونِ البِيدِ نازِحَةٍ

تَكِلُّ مِن دَونِها العَيرانَةُ الأَجُدُ

يَسري الخَيالُ فَيَلقى دُونَكُم نَصَباً

فَما يُعاوِدُ إِلّا وَهوَ مُضطَهَدُ

دَع ذِكرَ هِندٍ وَلَكن رُبَّ مَهلَكَةٍ

أَضحَت بِيَ العِيسُ في أَجوازِها تَفِدُ

إِلى المُعِزِّ الَّذي أَضحَت مَناقِبُهُ

يُحصى الحَصا قَبلَ أَن يُحصى لَها عَدَدُ

إِلى فَتىً نالَ بِالمَعروفِ مُنذُ نَشا

مَحامِداً لَم يَنلها قَبلَهُ أَحَدُ

أَلوى أَشَمُّ بَعِيدُ الشَوفِ مُنصَلِتٌ

جَبِينُهُ مِثلُ ضَوءِ الشَمسِ يَتَّقِدُ

أُثني عَلَيهِ وَلي في كُلِّ جارِحَةٍ

قَلبٌ لِأَضعافِ ما أُبديهِ مُعتَقِدُ

يا مَن هُوَ البَحرُ جَيّاشاً بِنائِلِهِ

وَغَيرُهُ المَنهلُ الضَحضاحُ وَالثَمَدُ

فَذاكَ نَزرٌ تَكادُ الأَرضُ تَنشِفُهُ

وَأَنتَ يَطمي عَلَيكَ المَوجُ وَالزَبَدُ

يا واهِبَ المالِ لا مَطلٌ يَحُولُ بِهِ

وَلا يُكَدِّرُهُ مَنٌّ وَلا نَكَدُ

إِذا حَضرتَ وَغابَ الناسُ كُلُّهُمُ

عَن مَشهَدٍ لَم يَغِب عَنهُم وَقَد شَهِدُوا

لا فارَقَت شَخصَكَ الدُنيا فَأَنتَ بِها

كَالشَمسِ لَم يَخلُ مِن نُورٍ لَها بَلَدُ