أما الكثيب فما يطار حماه

أَمَّا الكثِيبُ فَمَا يُطَارُ حِمَاهُ

مِنْ دُونِهِ تُجْرِي الدِّماءَ دُماهُ

لَوْلا حَيَاءُ الحَيِّ مِنْ أَكْفَائِهِ

لَكَفَاهُ سِحْرُ جُفونِهن عِدَاهُ

مَا بَالُهُ أَنهَى الأَسِنَّةَ وَالظُّبَى

وَعَلَى المَطيِّ ظِبَاؤُهُ وَمَهَاهُ

بِيضُ الأَنامِل قُنِّيتْ بِخِضَابِها

تُغْنِي غناءَ مُخَضَّبَاتِ قَناهُ

وَعُيُونُهُن السَّاجِياتُ قَوَاتِلٌ

ما لَيسَ تَقْتُلُ ماضِيَاتُ ظُبَاهُ

لِبَنِي هِلال فِي القِبَابَ أَهِلَّةٌ

مِنْها استَمَدَّ الصبْحُ فَضْلَ سَنَاهُ

شَحُّوا بهِنَّ وفيهِمُ حَطَّ النَّدَى

قِدْماً رِحالَتَهُ وَخَطَّ بِنَاهُ

يَقْرُونَ مَنْ رُفِعتْ لَهُ نِيرانُهُم

إِلا المُحِبَّ فَما يَرَوْنَ قِراهُ

لا يَنْظُرونَ لَهُ علَى غَيْرِ القِلَى

وَهَوَى فَتَاتِهُم النوارِ طواهُ

قَسَتِ القُلُوب عَليهِ حَتَّى قَلبُها

فإِذا رجَا لُطْفَ الحَبيبِ جَفاهُ

يَا وَيْحَ مَفْؤُودِ الفؤَادِ صَبابَةً

يَلْقَى الرَّدَى في الخَوْدِ لا تَلْقاهُ

خافَ النحولَ علَى نَحَافَةِ جِسمِهِ

فَبَراهُ حَتَّى لا تَكَادُ تَراهُ

سِرْبِي إلَى سِرْبٍ لحَربِي ناهِدٍ

لا هِنْدُهُ سَلْمٌ وَلا سَلْمَاهُ

مِنْ كُلِّ رِيمٍ لا يُرامُ خِباؤُهُ

أَنَّى لِتَبرِيحِ الصَّدَى بِلَمَاهُ

صالَتْ تُحَاوِلُ صَيْدُهُ لَحظَاتُهُ

وَرَمَاهُ مِنْ جَفْنَيِهِ ما أَصْمَاهُ

إنْ رُمْتُ سُلْواناً لَهُ عَجِب الهَوى

مِنِّي وَقَالَ سَلاهُ ما سَلاهُ

يَا أخْتَ مَنْ فَخَرَتْ عَمَائِرُ عامِرٍ

وَسَراتُها بِالقُربِ مِنْ قُرباهُ

لا أَنْتِ زُرْتِ وَلا خَيالُكِ في الكَرَى

حَتَّى لَقَد هَجَر العَمِيدَ كَراهُ

وَاهاً لِقَلبكِ لا يَرِقُّ ورُبَّما

رقَّ الجمَادُ بفَرْطِ ما عنَّاهُ

هَلا تَقَيَّلَتِ الإمَامَ المُرتَضَى

فيمَا استَرَقَّ الخَلْقَ مِنْ رُحْمَاهُ

مَلِكٌ أَجارَ مِن الزَّمَانِ جِوارُهُ

وَكَفَى البَرِيّةَ جَورَهُ وأَذَاهُ

قَعَدَ الهُدَى فأقَامَهُ بِمَضَائِهِ

وَمَضَى النَّدَى فأَعَادَهُ بِلُهاهُ

إنَّ الذِي سَوَّاهُ فَرْداً فِي العُلَى

لَمْ يَرضَ لِلحَقِّ المُبينِ سِواهُ

قَدْ كَانَ أَرْدَاهُ الغُواةُ وَإِنَّما

يَحْيَى بنُ عبدِ الوَاحِدِ اسْتَحْيَاهُ

للَّهِ مِنْهُ خَلِيفَةٌ فِي أرْضِهِ

يَقْفُو الخَلائِقُ هَدْيَهُ وَهُدَاهُ

وَلاهُ أَمْرَ عِبَادِهِ وَبِلادِهِ

لَمَّا ارْتَضَاهُ لِحَمْلِ ما وَلاهُ

واخْتَارَهُ حَكَماً لِبَالِغِ حِكْمَةٍ

بِصُدُورِها بَلَغَ الصَّلاح مَدَاهُ

هَذِي البَسيطَةُ فِي خِفَارَةِ بَأسِهِ

وَنَدَاهُ مِنْ هَذَا الذِي تَخْشَاهُ

لا خِيفَةٌ مَع سَيْفِهِ لا ضِيقَةٌ

مَع سَيْبِهِ وكَفَاكَ مِنْ عَلياهُ

لِلشَّرقِ والغَربِ اسْتِبَاقٌ نَحْوَهُ

كُلّ قُبَيْلَ دُعَائِهِ لَبَّاهُ

وَبِدَارِ سَبْتَةَ والمَرِيَّة مُخْبِر

أنْ سَوفَ تَحْوِي الخافِقَين يَداهُ

اللَّهُ أَيَّدَ أَمْرَهُ بِمُؤَيَّدٍ

قوَّاهُ مَا يُخْفِيهِ مِنْ تَقْواهُ

عُقِدَتْ حُبَاهُ علَى الأَنَاةِ كأَنَّما

ثَهْلانُ ما عُقِدتْ علَيهِ حُباهُ

لَيْثُ الحِفَاظِ تَعَلَّمَتْ إِقْدَامَهُ

أَشْبَالُ أَبْنَاء لَهُ أَشْباهُ

وَحَيا السَّماحِ إِذا السَّحائِبُ لَم تَجُد

يَحْيَى كَفَى استِسْقَاءهَا كَفَّاهُ

فَضْلُ المُلُوكِ سَجَاحَةً وسَمَاحَةً

أَدْنَى فَواضِلُها الغِنَى والجَاهُ

أَهْلاً بِعَصْرٍ زَانَهُ سُلْطَانُهُ

لا حُسْنُهُ خافٍ وَلا حُسْنَاهُ

وَبِعِيدِ فِطْرٍ للفُتوحِ مُعَقِّبٍ

كاليَوْمِ أَعْقَبَ صُبْحَهُ بِضُحاهُ

يَجْلُو الدُّجُونَ بِنُورِهِ فَكَأنَّما

سِيمَا الأَمِير المُرتَضَى سِيماهُ

وَيُطيلُ فِي حُلَلِ الجَمَالِ تَخايُلاً

فَتَخالُهُ حَلاهُ بَعْضَ حُلاهُ

بُشْرَايَ باشَرتُ الغِنَى بِجَنابِهِ

وَظَفِرتُ مِنْ غَرْس المُنَى بِجَنَاهُ

تاللَّهِ مَا أَمْلَقْتُ مِنْ بُؤسِي بِهِ

إِلا وَقَدْ أَثْرَيْتُ مِنْ نُعْمَاهُ

هَذِي الثرَيَّا فِي ارتِقاء مَكانِها

باتَت تُنافِسُنِي حلولَ ثراهُ

ولَطَالَمَا أَذْرَتْنِيَ الآمَالُ عَنْ

صَهواتِها لَمَّا حُمِيتُ ذَراهُ

قَد عَزَّزَ العِيدَينِ عِنْدِيَ ثَالِثٌ

الفِطْرُ والأَضْحَى وَيَوْمُ رِضاهُ