إلى وعدها أصبو وهل ينجز الوعد

إِلى وَعدِها أصْبو وَهل يُنجَزُ الوَعْدُ

وما سَئِمَتْ أَسْماءُ مِنْ خُلفِها بَعدُ

سَجِيّتُها في القُرْبِ أن تُخفِيَ النَوى

وَعادَتُها في الوَصْلِ أن يَنشأ الصّدُّ

تَعِزّ عَلى الجانِي وتَعْزُبُ رَوْضَةً

فليسَ الأقاحي مُستَراداً ولا الوَرْدُ

وَقد كُنّفَتْ خِدْراً بأُسْدٍ خَوادِرٍ

مَتى كانَت الغزلان تكنفُها الأُسدُ

صَليلُ المَواضي البيضِ دون قبابها

تُناغيهِ في تَصْهالِها السُبُق الجُرْدُ

أصَابتْ عَلى عَمد مَقاتِلَ صَبِّها

فَيَا لَعَميد قَتْلُهُ في الهَوى عَمْدُ

وَمُقْتَدِحٍ بالعذْلِ زَندَ صَبَابَتي

يُشيرُ بِما يُسْلي وَقد شرِيَ الوَجْدُ

ويَدعو إِلى الإغفاء طَرْفاً مُؤَرَّقاً

وبِالقَلْبِ ما يَثْنيهِ عنهُ وَما يَعْدُو

إِذا انْعَقَدَتْ لي في الإفاقَةِ نِيّةٌ

من الحُبِّ حَلّتْها الدَماليجُ والعِقدُ

وإن عَرَض الوادِي ونَكّبت مُعرِضاً

حَدا بِركابي نَحوَه البانُ والرَّندُ

رَعى اللّهُ قَلْباً لِلأذِمَّةِ رَاعِياً

إِذا خُفِر الميثاقُ أو نُقِضَ العَهْدُ

وَرَكْباً أفادَتْني الليالي وَلاءهُم

لهم بالعُلى وَجدٌ وفي سُبلِها وَخدُ

بفَضْلِ حِجاهم أو بفضلِ خِطابِهِم

يُفتحُ مُنْسَدّ ويُفْرَجُ مُشْتَدُّ

أجَابُوا إلى الحُسْنى دُعاءَ خليفَة

كَفَى آمِليه الوَعْدَ إحْسَانُه العِدُّ

فقُلْتُ لهم لمَّا بدا مَعْلَمُ النَّدى

أَريحوا المَطايا إنَّه المِصْقَع الفَردُ

ولا تكلَفُوا بالنَّدِّ وَالمِسْك بَعدها

تُراب أبي فِهْرٍ هو المِسْك والنِّدُّ

جَنابٌ عَزيزٌ خَطَّه المَجْدُ والعُلَى

وألقَى عَصَاه وسطَهُ اليُمْنُ والسَّعْدُ

وَرَوْضٌ نَضيرٌ جادَهُ الجُودُ وَالنَّدى

فليسَ يُبالي بَعدُ ما صنَع العَهْدُ

نَمَت صُعُداً في جِدَّةٍ غُرُفاتُهُ

عَلى عَمَدٍ مِمّا اسْتجادَ لَها الجَدُّ

تُخُيِّلْنَ قاماتٍ وهُنَّ عقائِلٌ

سِوى أنَّهَا لا نَاطِقَاتٌ ولا مُلْدُ

قُدودٌ كَسَاها ضَافِيَ الحُسْنِ عُرْبُها

وأمْعَن في تَنْعيمِها النَّحْتُ وَالقَدُّ

تُذَكِّرُ جناتِ الخُلودِ حَدائِقٌ

زَواهِر لا الزّهراء مِنها ولا الخُلدُ

فَأَسْحَارُهَا تُهْدي لها الطيبَ مَنْبِجٌ

وآصالُها تَهْدِي الصَّبا نَحْوَها نَجْدُ

أنافَ عَلَى شُمِّ القُصورِ فَلَم تَزَلْ

تَنَهَّدُ وَجْداً لِلْقُصور وتَنْهدُّ

رَحيبُ المَعاني لا يَضيق بِوَفْدِهِ

ولَوْ أنَّ أهْلَ الأرضِ كُلَّهمُ وَفْدُ

تَلاقَى لَدَيْهِ النُّورُ والنَّوْر فَانْجَلَتْ

تَفَارِيقَ عَنْ سَاحَاتِهِ الظُّلَمُ الرُّبدُ

وحُفَّ بِأَعْنَابٍ ونَخْلٍ نَواعِمٍ

تَكاد فُروعاً بالنواسِم تَنْقَدُّ

مِن البَاسِقَاتِ السابِقاتِ بِحَملِها

إذا تُعْسِرُ الأشجار كانَ لها وَجْدُ

عَلَيها من القِنوان عِقْدٌ ودِملِجٌ

وإن لَم يكُن جيدٌ لدَيها ولا عَضدُ

فتِلك عُرُوشُ الياسَمينَ وزَهْرُهُ

كَزهر النجوم وَسطَ أفلاكِها تَبدُو

وَذاكَ نَضيدُ الطلع والطلحِ قَد جَلا

مَحاسِنَهُ للأَعيُنِ اليَنْعُ والنَّضْدُ

ولاح لنا خوخٌ كَما خَجِلَ الخَدُّ

ويَانع رُمّان كما كَعِبَ النَّهدُ

وَجَوْزٌ لهُ مُبْيَضُّ لُبّ وإن ضَفَا

عَلى مَتْنِهِ جَوْنٌ مِن القِشْرِ مُسوَدُّ

وَعَنَّ جَنَى العُنّاب غَضّاً كأنّما

تُلاحِظُ من أفنانِهِ حَدَقٌ رُمْدُ

وَإِلا كَما أبدَتْ بناناً مطرَّفاً

مِن السُندسِ المَوْشيِّ خَمصانَة رُؤْدُ

وَلَوْ قَنَأَ النارنجُ أبْصَرْتَ أغصُناً

بِها مَاؤُها تُبدِي جِماراً لَها وَقْدُ

وَكَم لِمَةٍ للآس تَقْطُرُ جَعْدَةٍ

يُؤَمَنُها مَسَّ الجُفوفِ ثَرىً جعدُ

حَوالي قِبابٍ فُجِّرَ الماءُ وَسْطَها

فَأَنْحى عَلَى حَرّ المَصيفِ لهُ بَرْدُ

وَمَرَّ كأيمٍ في مَذانِبِ مَرمَرٍ

يلِجُّ قَسيباً مِثلُ ما جَلجَلَ الرَّعدُ

وَخاضَ حَشَا بَحْرٍ هُنَالِكَ طافِحٍ

كَما قُدَّ بالعَضْبِ الرّهيفِ الظبَى سَرْدُ

تَطَلَّع منها كلُّ حسناء جِسمُها

لُجَينٌ وَلِكن من نُضار لَها بَردُ

تَناهَتْ جَمَالاً أو جَلالاً فأصْبَحَتْ

تَنِدُّ عَلى الأوْصافِ إِذْ ما لها نِدُّ

جَنَيْنا بِها الإسعادَ من مَغرِسِ المُنى

وَحَفّ بِنا أثْناءها الرِّفْهُ والرِّفْدُ

وَذابَ لَنا فيها النَّعيمُ فَلا تَرَى

سِوَى ذائِب هَزْلاً وشمَتُهُ الجِدُّ

أفانِينُ شَتّى والفَواكِه شُفِّعَتْ

بأطْعِمَةٍ يَعْيا بِها الشكرُ وَالحَمدُ

طَيَافُرها مُسْتَوْسِقاتٌ كأنَّها

وَسائِقُ تَطمُو أَوْ كَراديسِ تَشتدُ

فبَعضٌ ضَعيفٌ يَحسُر الطرْفَ دُونَه

وَبَعْضٌ قَديرٌ دُونَهُ يَحْصُرُ العَدُّ

أَتتْ بِجِفانٍ كالجَوارِي تُديرُها

عَلَينا طُهاةٌ دأبُها الخَفْرُ والحَفدُ

فَما يُشتَهى مِنْ لَحمِ طَيْرٍ كأنّنا

وَما ضَمّنا الأَبرارُ تُحبَرُ والخُلدُ

عَلى مائِداتٍ ضافِياتٍ غَضارَةً

تَروحُ بِأَصْنافِ النعيمِ كَما تَغدُو

وَقَدْ حَمّلُوها كُلّ مُزدَفر بها

يُرَى دارِما وَهو السَّليكُ إِذا يَعدُو

وَعُجِّلَ عِجلٌ سُنةً فارِضُ القِرَى

حَنيذٌ وُعدْناهُ فَما استَأخَرَ الوَعدُ

تَجَلّى يَسُرُّ النّاظِرِينَ كأنَّما

تَجَلَّلَ رَقْرَاقَ العَبِير لَهُ جِلْدُ

ورُدِّيَ كافُورَ الرّقاقِ مُصَنْدَلاً

لِيُونِقَ ضِدٌّ فيهِ قَابَلَهُ ضِدُّ

فَلا وَأَبِينا ما أَبَيْنا كَضيفِهِ

تَنَاوُلَهُ بَلْ سابَقَ الرّاحةَ الزَّندُ