الله عن تلك المناقب دافع

اللَّهُ عَنْ تِلكَ المَناقِبِ دَافِعُ

ولَها مِن المَحْذورِ واقٍ مانِعُ

لَوْلا اليَقينُ بأَنَّهَا مَعْصُومةٌ

لَتَفَجَّرَتْ بِدَمِ القُلوبِ مَدامِعُ

زَرَّتْ على الصَّبْر النّفُوسُ جُيوبَها

والذُّعْرُ فيها لِلْجَوانِحِ خالِعُ

وتَعَلَّلَتْ بِسُؤالِهَا وجَوَابِهِمْ

الفَضْلُ ناجٍ والتَّداوِي ناجِعُ

أنَّى تَضيرُ شِكايةٌ مِنْ جودِهِ

وَوُجودُهُ لِلخَلْقِ طُرّاً نافِعُ

عَجَباً لِمُخلِصِها إلَى نادِي النَّدَى

والعالَمُ العُلْوِيُّ عَنْهُ يُقارِعُ

آراؤُهُ بِيضٌ تُسَلُّ قَوَاطِعٌ

وَجداؤُه سُمْرٌ تُمَدُّ شَوارِعُ

جَرَّ الشّجونَ الجُونَ عارِضُ سُقْمِهِ

فالدَّهْر من جَرَّاهُ خاشٍ خاشِعُ

هَلا بِنا سَدَك التَّألُّمُ لا بِهِ

إنَّ العَبيدَ عَن المُلوكِ تُدَافِعُ

غاضَ التَّحَدُّث بالضَّنَى وبِحَسْبِنَا

أَنْ غاضَ مِنْ ماءِ العَنَاءِ النابِعُ

حتَّى إِذَا الإبْلالُ صَحَّ تَوَاتُراً

وَصَلَ الحُبُورَ بهِ الدّليلُ القاطِعُ

شُفِيَ الأَميرُ فَكُلُّ قَلْبٍ ساكِنٌ

بَعدَ الخُفوقِ وكُلُّ طَرْفٍ هاجِعُ

وَبدا سَناهُ فَلا عَدُوٌّ آمِنٌ

يَرجو النَّجاةَ ولا وَلِيٌّ جازِعُ

رُوحُ الوَرَى سِرُّ العُلَى مَعْنَى الهُدَى

فَرْدٌ لأَشتاتِ المَكارِمِ جَامِعُ

لِلدِّينِ والدُّنيا بِعِصْمةِ ذاتهِ

إِعْجابُ مَنْ هُوَ في حِماهُ وَادِعُ

يا حُسْنَ مَوْقعِ بُرْئِهِ مِن أُمَّةٍ

لَولاهُ حاق بِهم عَذابٌ واقِعُ

كانُوا مِن الشُّبَهِ المُضِلَّةِ في دُجىً

فَجَلا غَياهِبَها هُداهُ السَّاطِعُ

مَلأَتْ إيالَتُه اللَّيالي حَبْرَةً

وَالحادِثاتُ فَواجِئٌ وفَوَاجِعُ

وحَيَاة يَحْيَى المُرْتَضَى ما شَاقَ فِي

أَثْناءِ شَكْواه الحَمَامُ السَّاجِعُ

كَلا وَلا رَاقَ الرَّبيعُ وزَهْرُهُ

في ناظِرٍ وَهوَ النَّضِيرُ اليانِعُ

وَلَقد تَنَكَّرَ كُلُّ شَيْء دُونَهُ

حتَّى المَغانِي الآهِلاتُ بَلاقِعُ

غَلَبَ التَّوَلُّهُ فالعُقولُ غوارِبٌ

لَمَّا تَحَجَّبَ والكُروبُ طَوالِعُ

وَكأَنَّ بَرْدَ الظِّلِّ قَيْظٌ لافِحٌ

وكأَنَّ عَذْبَ العَيْشِ سُمٌّ ناقِعُ

يَسْوَدُّ مُبْيضُّ الصِّفاحِ الناصِعُ

وَيَضيقُ مُنْفَسِحُ البَراحِ الواسِعُ

وَكأَنَّ ساعاتِ الثَّواءِ لِطولِها

حِجَجٌ رَوائِبُ للنُّفوسِ رَوائِعُ

فالآنَ دانَ بِهِ القَصيُّ من المُنَى

ودَنا منَ المَنِّ القَصِيِّ الشاسِعُ

وتَطَلَّعَتْ لِلكافِرينَ مَصَارِعٌ

وتَمَهَّدَتْ بالمُؤْمِنينَ مَضَاجِعُ

وَبَدَتْ تَزينُ مَشَاهِدٌ ومَحَاضِرٌ

وغَدَتْ تَطيبُ مَصَائِفٌ ومَرَابِعُ

لاقَى السَّلامَةَ فالزّمَانُ مُسالِمٌ

دونَ انْتِقاضٍ والأَمانُ مُشايِعُ

وتَرَشُّفُ النُّعْمَى بهِ مُتَنَاسِقٌ

وتَشَرُّفُ الدّنيا بهِ مُتَتَابِعُ

مَلِكٌ تَقَدَّسَ في المُلوكِ مَقامُهُ

فَخَصَائِصٌ مَلَكِيَّةٌ وطَبَائِعُ

أَضْحَى له شَرَفُ الْكَمَالِ مُسَلَّماً

هَيْهَاتَ ما في العَالَمِينَ مُنازِعُ

في المُونِقَيْنِ رُوائِهِ وثَنَائِهِ

ما تَشْتَهيهِ نَوَاظِرٌ وَمَسَامِعُ

فَرَعَ الكَوَاكِبَ في التَّرَقِّي بَيْتُهُ

للَّهِ بَيْتٌ لِلْكَوَاكِبِ فارِعُ

مِنْ زَاهِراتِ حُلاهُ حِلْمٌ بارِزٌ

أَعْيا مُعاوِيَةً وعِلْمٌ بارِعُ

ماضٍ وقَدْ تَهِنُ الظُّبى في مَأْزقٍ

كَثُرَ الكُماةُ بهِ وقَلَّ مُضارِعُ

يَصِفُ النَّجابَةَ والرَّجَاحَة خُلقُه

ويَظَلُّ في الخَيْراتِ بَعْد يُسارِعُ

مَرْآهُ بِالطَّوْدِ المُنِيفِ مُطَالِعٌ

فَكَأَنَّما فَوْقَ السَّرِيرِ مُتالِعُ

إِنْ تَفْخَرِ الدُّنْيا بهِ وبِمُلْكِهِ

فَمُلوكُها خَوَلٌ لَهُ وَصَنائِعُ

مَوْلايَ عَبْدُكَ في الرِّضَى مُسْتَشْفِعٌ

وبَنَاتُ خاطِرِهِ إليْكَ شَوافِعُ

هُوَ ذا بِبابِكَ ليسَ يَسْأَم قَرْعَه

ولَطالَما وَلَجَ المُلِظُّ القارِعُ

يَرد السّرورُ مُهَنِّئاً وَمُهَنَّأ

عِدّاً يُطيلُ العَبَّ فيهِ الكارِعُ

وَيَوَدُّ لَوْ مُنِحَ الإجادَةَ ناظِماً

لِتَسيرَ عَنْهُ بَدَائِهٌ وبَدائِعُ

إنَّ الضَّراعَةَ لِلْقَبولِ ذَريعَةٌ

والحَقُّ في تَخْلِيدِ أمْرك ضارِعُ