بشراي هذا مبدأ الإقبال

بُشْرَايَ هَذا مَبْدَأُ الإقْبَالِ

في قَصْدِ غَايَاتي وفِي اسْتِقْبالِ

وَافَانِيَ الزَّمَنُ المُسِيءُ مُحَسِّناً

آثارَهُ بِمَثابَةِ الإِجْمَالِ

وَذَمَمْتُ تَرْحَالاً وَحِلاً قَبْلَها

فَحَمِدْتُ عُقْبَى الحِلِّ والتَّرْحالِ

وَعَزِزْتُ بَعْدَ الهوْنِ والإِذْلالِ

وأَمِنْتُ بَعْدَ الرَّوْعِ والأَوْجالِ

وَثَوَيْتُ في خَفْضٍ وفِي دَعَةٍ بِما

كابَدْتُ مِنْ شَظَفٍ وَمِنْ زِلزالِ

وَلَقيتُ ما لا أستَقِلُّ بِوَصفِهِ

وَإِنِ ادَّعيت مزِيَّةَ استِقلالِ

وكَفاكَ أنَّ الرّومَ كانَتْ جِيرَتي

مِنْ جَوْرِ دهْرِي واسْتِحالَةِ حالِي

كُنْتُ الطَّلِيقَ هُنَاكَ لَكِنْ لَمْ أزَلْ

مِن شِدَّةِ الحَسَرَاتِ في أَغْلالِ

أَبْكِي عَلى اسْتِئْصالِ مَنْ خَلَّفْتُهُ

وأُطِيلُ فِي الأسْحَارِ والآصَالِ

حَتَّى إذَا فَارَقْتُ أرْضَهُمُ التِي

كانَتْ عِقالاً ثانِياً لِعِقَالِي

وَدَعَانِيَ الشَّوْقُ المُذِيبُ جَوانِحي

لِمَنازِلي فَأَجَبْتُهُ وَجِلالي

لاقَى بِيَ الجَدُّ العَثورُ عِصَابَةً

ذَهَبَتْ بِمَالِي كَيْ يَسُوءَ مآلِي

فاسْتَأنَفَتْ نَفْسِي بِحُكْمِ شَقائِها

خَوْضاً لأَهْوَالٍ عَلَى أهْوَالِ

مازِلْتُ مِنها في خَيَالٍ مُتْلِفٍ

حَتَّى غَدَوْتُ مفارِقاً لِخَبَالِ

بأَبِي حُسَيْنٍ سيِّدِ العَرَبِ الذِي

أَدْنَى حُلاهُ

بِالمَاجِدِ المِفْضَالِ أوْ بالعَارِضِ

المِهْطَالِ أو بالقَائِلِ الفَعَّالِ

بِالقيْلِ مِنْ أبْناءِ قَيْلَةَ والذِي

لا يَنْتَمِي إلا إلَى الأَقْيَالِ

نَدْبٌ إِلَى مَثْواه مُسْتبقُ المُنَى

وَعَلى عُلاه تَزَاحُمُ الآمالِ

مَنْ شَامَ بَرْقَ جَبِينِهِ في أزْمَةٍ

أَثْرَى بِغَيْثِ سَمَاحِهِ الهَطَّالِ

وَرِثَ السِّيَادَةَ عَنْ أبيهِ وَجَدِّهِ

الطَّاهِرِ الأَقْوَالِ والأَعْمَالِ

وَأَتَى بِما أَرْبَى عَلى مَا نَالَهُ

إِرْثاً فَمَا أعْيَاهُ نَيْلُ كَمَالِ

هُوَ واحِدُ الدُّنيا وَمَن لَمْ يَرْضَهُ

فَلْيَأتِ في الدّنْيَا لَهُ بِمِثالِ

هَيْهَاتَ لَيْسَ عَلَى البَسيطَةِ مِثْلُهُ

في سُؤْدَدٍ وَرَجَاحَةٍ وَجَلالِ

قَيْسٌ وسَعْدٌ قَبْلَهُ وعُبَادَةٌ

ودُلَيِّمُ الأَفْرَاد في الإفْضَالِ

أبْقَوْا لَه شَرَفاً يَزيدُ تَجَدُّداً

يَبْأَى لَدَيْهِ عَلَى مَدى الأَحوالِ

مَن شاءَ في مَدحٍ غُلُوّاً فَليَكُن

في مَدحِهِ مِن غَيرِ لَومٍ غالِ

لَمَّا لَثَمْتُ يَمِينَه ورَأيْتُه

لَمْ أَلْتَفِتْ لحَياً ولا لِهِلالِ

قُلْ للزَّمَانِ وقَد مَثَلْتَ ببَابِهِ

فَلَحِقْتَ بِالنُّظَرَاءِ والأَمْثَالِ

إنَّ ابْنَ عِيسَى مَنْ عَلِمْتَ مَضَاءهُ

وَسَخَاءهُ في الرَّوْعِ والإمْحالِ

يَكْفيكَ جَورَكَ عدْلُهُ بِيَ عادِلاً

عَمَّا ذَهَبْتَ لَهُ مِنِ اسْتِئْصَالِ

لا زالَ دَافِعَ كُلِّ خَطْبٍ وَاقِعٍ

وَثُمالَ مَنْ أَضْحَى بِغَيْرِ ثُمالِ