تخيرت مختار الخليفة للعهد

تَخَيْرتَ مُخْتَارَ الخَلِيفَة لِلْعَهدِ

فَرَوّيْتَ أَمَحال البَسِيطَةِ كالعهْدِ

وأَسْعَفتَ أَهل العَقْد والحلِّ في التي

تَقَلّدَها أبْهَى نِظَاماً مِن العِقْدِ

مُشيداً بِمَن في الخافِقين لبَيْعةٍ

كَفَتْ كُلّ مُشتَطٍّ من الَبغْي مُشتَدِّ

ومُعْتَمِدا نصْر الوُلاة عَلى العِدَى

بِمُعْتَمِدٍ في باذِخِ الشّرَفِ العِدِّ

فبَيْنَ مُجِيبٍ يُمْنَها وموَجِّبٍ

ولايةَ مُستَوْلٍ على الهَدْي والرُّشْدِ

وَفي رَجَبٍ ما هُنِّئوا بانْعِقادِها

لِيَهْنِئهَا فَرْدُ الشهورِ إلى فَرْدِ

فَأَرْجَأتَ ما رجَّوْهُ عَن حِكمَةٍ قضَتْ

بِإِحكامِها في أوْسَطِ الحُرُمِ السَّرْدِ

وعندَ حُلولِ الشمسِ بِالحَملِ انتَهى

بِإسْعادِك الإبْدارُ لِلْقَمَرِ السّعْدِ

وَمَا عَنْ مُحابَاةٍ عَهدْتَ بِنَصْبِه

ولَكِن لحبّ الفَوْزِ في جَنّةِ الخُلْدِ

لَعمْرُ الهُدى ما أجمَعَتْ أُمَّةُ الهُدى

عَلى غَيرِ مَهديِّ المَرَاشِدِ في المَهْدِ

ولا استَظهَرَت إِلا بِأَظْهَر قَائِم

لنجدتِهِ فيضٌ عَلى الغَورِ والنجدِ

سَمَا بِأمانِيها سُمُواً بها انْتَهى

إلى الغايَةِ القُصْوى مِن النَصْرِ والعَضدِ

فإن وُعدَتْ قِدْماً مُنَاجَزَةَ العِدى

فَرايَتُهُ الحَمْراءُ مُنْجِزَة الوَعدِ

تَمَلّكُ أعْطافُ المَنابِرِ هزّةٌ

كَما هَفَت الأرْواحُ بالقُضُبِ المُلدِ

وأعْلامُ دِين الحَقِّ تَزدادُ عِزَّةً

بِدَوْلَةِ ماضِي الحَدّ مُسْتَقبَل الجَدِّ

إلَى الأصلِ من عدنان يُعزَى عَدِيُّه

وَلا غَرْوَ أنْ تُعْزَى الصّوارِم للهِنْدِ

هُوَ المُرْتَضَى والمُنتَضَى قَد تَكَفَّلَتْ

مضارِبُهُ بالعَضْدِ في اللّهِ والخَضْدِ

إِذا اتّجَهَت صَوباً سَحائِبُ عِلْمِه

ونائِلِهِ أنْحَتْ عَلَى الجَهْلِ والجَهْدِ

تَحُجُّ مَعالِيهِ المُلوكُ فَتَنْثَنِي

صُمُوتاً وَإن كانَت أُلِي أَلْسُنٍ لُدِّ

ويَقْضِي عَلى التّثليثِ فَيصَلُ بَأسِه

لِطائِفَةِ التّوْحيدِ في القُرْبِ والبُعْدِ

كَأَني بِعُبَّادِ المَسيحِ لِعِزِّهِ

وَسَيِّدُهم يُقْتَادُ فِي ذِلَّة العَبْدِ

ولَكِنْ عَلَى أعْقَابِ هَيْجاءَ نَارُها

بماءِ الحَديدِ السَّكْبِ مُضْرَمَةُ الوَقْدِ

تَخُوضُ لنيْلِ الثّأر فيهِم خُضَارَةً

كَتيبَتُهُ الخَضْراءُ غُلْباً عَلى جُرْدِ

وتَحْتَ لِواء النّصْر لَيْث غَشَمْشَمٌ

يَهيمُ بِوَرد المَوت كَالأسَد الوَرْدِ

بَدا فجَفَا إِلا حَواشِيَ لَمْ يَكُن

لِرِقَّتِها في غِلْظَةِ الحَرْبِ من بُدِّ

فَيكلف بالخَطِّيِّ في سُمرة اللمَى

ويَصْبو إلى الهنْدِيِّ في حُمرَةِ الخَدِّ

مِن القَوْمِ يَلْقَوْنَ العُداةَ بِوَقْسِها

أولئِكَ جُنْدُ اللّهِ يَا لكَ مِن جُنْدِ

حَديثٌ مِن الفَتحِ القَريبِ رُواتُه

مُنَزَّهَةٌ في النقلِ من وَصْمَةِ النَّقدِ

هَنِيئاً ليَحْيَى أنَّه بِمُحَمَّدٍ

توخَّى أَوَاخِيَّ الخِلافَةِ بالشَّدِّ

وَشادَ بِحَيْثُ النيّراتُ بِنَاءَها

عَلى عَمَدٍ للعدْلِ قامَتْ عَلى عَمْدِ

إِمامٌ أَرانا مِن إمَامةِ نَجْلهِ

مَنِيّةَ مُستَعصٍ ومُنْيةَ مُسْتَعْدِ

نُجومُ الدُّجَى من سُهْدهِ في تعجُّب

وإنَّ رَعَايَاه لَيُعْفَونَ منْ سُهْدِ

لَهُ سِيرٌ حَفْصِيَّةٌ ما اشْتمالُها

سِوى سِيراء المَدْحِ تُونَق بالحَمْدِ

متَى رَامَ أمراً فالمُلوكُ أمامَه

لإنْجازه قَبْلَ المَلائكِ في حَفْدِ

عِدَاه لِقَتْلٍ أو لأسْرٍ بِأسرِها

فَإمّا إلى قَيْدٍ وإمّا إلى قدِّ

أدارَ عَلى قَيْسٍ وأمْلاكِها الرّدى

فلَم يَكُ عَنهُم لِلكَوائِنِ مِن رَدِّ

وتاللّهِ ما شَرْقُ البلادِ وغَرْبُها

لِسُلْطانِهِ إِلا هَدايا لِمُستَهْدِ

أعِدْ نَظَراً فيما له من وقائِعٍ

تجِدْها بِحُكم الجدِّ مُعوزَةَ العَدِّ

غَزَتْهُمْ ولَمّا يَسْتَقِلّ سُعودهُ

فَمِنْ صَدرٍ يشْفي الصُّدورَ ومِن وَرْدِ

وَكُفْت لِفيه واليَدَيْنِ عليهِم

ظُباهُ بِأعلى ذِرْوَة الشامخ الصَّلْدِ

فقَد أبْصَروا أَلا خُلُودَ لِمُلْكِهِم

وَإن أصْبَحوا عُميَ البصائرِ كالخُلدِ

وبِالغرْبِ من أعقابِهم غيرُ غُبَّرٍ

تَيَقَّنَّ أنْ تَردْى إِذا جيْشهُ يُرْدِي

وهَلْ ملكتْ للأمرِ والنَّهْي مِقودَاً

أمَيّةُ يَوماً بعد مرْوانِها الجَعْدِ

سَقى اللّه مَعْهوداً إلَيْهِ وعاهِداً

كِفاءً لِمقدارِ الخِلافةِ والعَهْدِ

وخُلِّد للدنيا وللدّينِ منهُما

إمامَيْنِ في التقوَى نِطاقَيْنِ للمَجْدِ