رأى الله ما أرضاه من سعيه الأسنى

رَأى اللَّه مَا أرْضاهُ من سَعْيهِ الأَسْنَى

فَجَدَّدَ بالعَامِ الجَدِيدِ لهُ الحُسْنَى

وشَيَّد بالتأييدِ أرْكانَ أمْرِهِ

فلَم تُبْقِ لِلأَعداءِ صَوْلَتُهُ رُكْنا

غَزَتْهُمْ جُيوشُ الرُّعْبِ قَبْلَ جُيُوشِهِ

فإِن أُخِذُوا هَوْناً فقَد وُقِذُوا وَهْنا

وعَيَّدَتِ الأَضْحَى خِلالَ دِيارِهِمْ

فَلا غَرْوَ أنْ قِيدُوا لِنَحْرِهم بُدْنا

ألا تِلْكَ أعْنَاقُ البِلادِ بِأسْرِها

خَواضِع لَمَّا دَوَّخَ السَّهْلَ والحَزْنا

أَبَى النَّصْرُ أَنْ يَلْوِي بِدَيْنٍ لِواؤُه

فَمَنْشُورُهُ يَطْوِي المَعَاقِلَ والمُدْنا

إذَا المَغْرِبُ الأَقْصَى رَمَى بِقِيَادِه

إلَيْهِ فَماذا يَصْنَعُ المَشْرِقُ الأَدْنَى

كأَنِّيَ بالزَّوْراءِ تَخْطُبُ أمْنَهُ

وقَد بَثَّ فِي مَرَّاكشَ العَدْلَ والأمْنا

وَزَحْزَحَ بالتَّوْحيدِ عَنْ جَنَبَاتِها

عَصائِبَ للتَّثْليثِ جَارُوا بِها سُكْنَى

كَأَنْ لم تكُنْ للمُؤْمِنينَ مَغانِياً

فَها هِيَ للكُفَّارِ وَا أَسَفَا مَغْنَى

يَعِزُّ علَى اللُّسْنِ المَصاقِع أنَّها

تُراطِنُ في أفْدانِها عُجُماً لُكْنا

هُمُ اتَّخَذُوا فيها الكَنَائِس ضِلَّةً

وَهُمْ جَعَلوا للَّهِ فيما افْتَرَوْهُ ابْنا

وكَمْ سَيِّدٍ منْهُم يُطاعُ احْتكامُه

عَهدناهُ عَبْداً لِلْعَبِيدِ بِها قِنَّا

ضَمانٌ عَلى سَيْفِ الإمارَةِ بَرْيُهُمْ

وإبْراءُ قَوْمٍ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ ضمْنا

وأَمَّا تِلمسانٌ وفاسٌ وَسَبْتَةٌ

فَتِلْكَ لِيُمناه أَعِنَّتُها تُثْنَى

حُقوقٌ لَهُ لَمْ يَرْتَضِ العَضْبُ عَضْبَها

فَهَبَّ لَها مُسْتَرْجِعاً شَدَّ ما أَغْنَى

ألانَتْ لَهُ الصَّعْبَ الأَبِيَّ كَتَائِبٌ

مِنَ العَزْمِ تَسْتَشْلِي كَتائِبَه الخُشْنا

وأسْعَدَتِ البِيضُ الصَّوارِمُ بَأسَهُ

فمِنْ فالِقٍ رَأساً ومِنْ قَاصِمٍ مَتْنا

ويَا لِرضَى أرْضِ الجَزِيرَةِ بالذِي

تَيَمّمها يُنْهِي لَها الفَوْزَ بالأَهْنا

فأَنْدَلُسٌ قَدْ بُشِّرَتْ بِلِقائِهِ

تَرَقّبُ منْ تلْقائِه الفُلْكَ والسُّفْنا

لِنُصْرَتِهِ ما أشْرَفَتْ راسِياتُها

وَما صَيَّرَتْ عِلْماً يَقيناً بِها الظَّنّا

لَعَلَّ بِلاداً حَالَ بالرّومِ حُسْنُها

يُعيدُ عَلَيهَا غَزوُهُ الظَّافِرُ الحُسْنا

فَيَرْتَشِفُ الصَّادِي بِها الماءَ سَلْسَلاً

ويَغْتَبِقُ الضَّاحِي النَّسيمَ بِهَا لَدْنا

وعَانٍ عَلى الحَرْبِ العَوَانِ دِيارُها

بِما مُنِيَتْ مِنْهُمْ قَديماً وَما تُمْنى

تُؤَمِّلُ يَحْيَى المُرْتَضَى لِحَياتِها

وَتَرْجو بِلُقْياه الإقالَةَ والمَنَّا

إِمامُ هُدىً أعْيا الأَئِمَّةَ هَدْيُه

فَأَرْبى عَلَيْهِم زينَةً ونَمَا وَزْنا

فَيَفْضُلُ جهْدَ المُحْسِنينَ بِعَفْوِهِ

ويَغْلُبُ شَدَّ السَّابِقينَ إِذا اسْتَأنى

تَبَحْبَحَ في السُّلْطانِ والمَجْدِ والعُلَى

فَمَظْهَرُهُ الأَسْمَى وعُنْصُره الأَسْنَى

جَبابِرَة الأمْلاكِ خاضِعَةٌ له

فَمِن لاثِمٍ ذَيْلاً وَمن لاثِمٍ رُدْنا

لئِن عُنِيَ الدّينُ الحَنيف بِحُبِّهِ

فَما زالَ بالنَّصْرِ العَزيزِ لَهُ يُعْنى

مُجيبٌ إِذا يُدعَى مُجابٌ إِذا دَعَا

كَريمٌ إِذا يُسمَى عَظيمٌ إِذا يُكنَى

لهُ العِلْمُ سِيما والسّمُوُّ عَلامةً

فيُوْتِيكَ مُفْتَراً ويُفْتيكَ مُفْتَنَّا

وَما هوَ إِلا الطَّوْدُ فَضْلَ رَجَاحَةٍ

وَإنْ هَزَّهُ إنْشادُ مادِحِهِ غُصنا

وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّ الجَوَادَ يُقلّه

وفِي بُرْدِهِ رَضْوَى وفِي صَدْرِهِ الدّهْنا

عَلى ثِقَةٍ مِن فَيْضِ راحَتِهِ الوَرى

إِذا صَدَقَ الإمْحَالُ فاتَّهَموا المُزْنا

يَبيعُ بأَعْلاقِ المَحَامِدِ وَفْرَهُ

ولا غَبَناً يَخْشى هُناكَ وَلا غَبْنا

حَبانا بِتَأمِيرِ الأَميرِ مُحَمَّد

فَيَا لكَ مِنْ حَابٍ ومَوْقِعه مِنَّا

وأتْبَعَ حُسْناه بِإحْسَانِهِ لَنَا

وأنْعُمُه تَنْثال مَثْنَى عَلى مَثْنى

وخَلفَهُ فِينا يَقُومُ بِمُلْكِهِ

ويَدْرَأُ عَنَّا فادِحَ الخَطْبِ إِنْ عَنَّا

نَراهُ بِهِ خَلْقاً وخُلْقاً وسِيرَةً

تَقَيّله فيها كَأنْ لم يَسِرْ عَنَّا

مشَابِهُ فيهِ مِنْ أبيهِ كَرِيمَةٌ

ومِنْ كَرَمِ الآبَاءِ أنْ يَنْجُبَ الأَبْنَا

لَئِنْ غَرُبَتْ شَمْسُ العُلى فَهِلالُنَا

يُنيرُ لَنَا اللَّيْلَ البَهِيمَ إِذَا جَنَّا

بإِمْرَتِهِ تَخْتالُ عِزّةُ أنْفُسٍ

وَلَولا أواقِيها العِظَامُ هُنَا هُنَّا

جَبُنْتُ لِيومِ البَيْنِ فانْهَلَّ مَدْمَعِي

وكُنْتُ قُبَيْلَ البَيْنِ لا أعرِفُ الجُبنَا

وجُنَّ جنَانِي لَوْعَةً وصَبَابَةً

إلَى الحَضْرَةِ العَلْياءِ والعَقْلِ إذْ جُنَّا

عَسَى رُؤْيَةُ المَوْلَى تَؤُولُ بِضِلَّتِي

إلَى الرّأيِ في تَقْبيلِ راحَتِهِ اليُمْنَى

فَلَهْفِي لِعَبْدٍ في الأَصِحَّاءِ قاعِدٍ

أعَادَتْهُ أحْكَامُ الزَّمَانِ مِن الزَّمنَى

يَقولونَ مَا أضناهُ قلتُ أحُجّهُم

هَوَى الغُرّةِ الغَرَّاء صيَّرَني مُضْنَى

وَما ضَرَّني أَنِّي مَرِيضٌ وَمُدْنَفٌ

إِذا أَنا لَمْ أمْرَضْ فُؤاداً وَلا ذِهْنا

ولَمْ يُبْلِني إلا تَوَقّدَ خَاطِري

ولا عَجَبٌ أن يأكُل الصَّارِمُ الجَفْنا

بِحَسْبي رِضَى المَوْلَى وحُسْنُ اصْطِنَاعِهِ

عِلاجاً بِهِ أبْقَى إِذا خِفْتُ أَنْ أَفْنَى

سَأُرْضِي نَدَاه مُثْنِياً وَمُثَنِّياً

وَمِثْلي إِذا أثنَى عَلى جُودِه ثَنَّى

وَأَسْتَنُّ في شَأْوِ المدائِحِ سابِقاً

وَهَيهات لا تُحصِي المَدائِحُ ما سَنَّا