فواتح الفتح تنبي عن تواليه

فَواتِحُ الفَتْحِ تُنْبِي عَنْ تَوَالِيهِ

لَقَدْ تَمَهَّدَ مُلْكٌ أَنْتَ وَالِيهِ

في ذِمَّةِ الغَيْبِ مِنها ما تُشاهِدُهُ

يَهْدِيهِ صُبْحٌ وإِمْسَاءٌ يُنَاغِيهِ

تَزْدَادُ حُبّاً وَلَمْ تَجْعَل زِيَارَتَها

غِبّاً وكَمْ زائِرٍ يُقْلَى تَمَادِيهِ

أمَّتْ إمَامَ الهُدى غُرّاً مُحجَّلَةً

كَأَنَّمَا في تَبَارِيها مَذاكِيهِ

يَغْشَى البَسِيطَةَ مِنْ أَنْوارِها وَضَحٌ

مِلءُ الزَّمانِ بِها تُجْلَى غَوَاشِيهِ

قَادَ الخَليقَةَ مِنْ بُعْدٍ ومِن كَثبٍ

نَحْوَ الخَلِيفَةِ إِسجَاحٌ يُوالِيهِ

فَلِلْمغَارِب مِنْ تأمِيلِ دَوْلَتهِ

ما لِلمَشَارِقِ مِنْ نُعْمَى لِراجِيهِ

لا أُفْقَ إِلا أَقاصِيهِ وَإِنْ شَحَطَتْ

فِي دينِها بِهُداه مِنْ أَدَانِيهِ

عَلَى خلافَتِهِ الإِجْمَاعُ مُنْعَقدٌ

فحَاضِرُ الخَلقِ طَوعاً مِثلُ بَادِيهِ

كُلٌّ يُلَبِّي نِدَاءَ الرشْد مِنْ أمَمٍ

كَمَا أهَابَ لنَادِيهِ مُنَادِيهِ

مُسْتَولِياتٍ بِمَولانَا الأحَقِّ عَلَى

غَاياتِ كُلِّ نَجاحٍ مِنْ مبَادِيهِ

بُشْرَى سِجِلماسَة أعْطَتْ مَقَادَتَها

يَدَيْ إِمامٍ مُعَاطِيها أَيَادِيهِ

وفِي الدِّيانَةِ أَسبَابُ القِيامِ بِها

فأَقْبَلَتْ عِنْدَها الدنْيا تُوافِيهِ

عَلَيهِ للَّهِ في حُكْمِ الإمَامَةِ أَن

يَرعَى مَحارِمها واللَّه راعِيهِ

أَفاضَ رَحمَتَهُ فَانفَضَّ مَعشَرُها

إِلَيهِ مِن حَولِ فَظِّ القَلبِ قاسِيهِ

تَضِجُّ مِنْهُ نَواحِيهِ بِآيَةِ مَا

تَضُخُّ فِي الغَيْثِ أَنْسَافاً مَنَاحِيهِ

وَقَدْ تَيَقَّنَ أَنَّ الحَقَّ غَالِبُهُ

لمَّا تَبَيَّنَ مَيْناً فِي دَعَاوِيهِ

مَا أَصْبَحَ القَائِمُ المَهْدِيُّ نَاشِرَهُ

مِنَ الهِدَايَةِ أَمْسَى وَهْوَ طاوِيهِ

بِالرُّومِ رَامَ انتِصَاراً في مَذَاهِبهِ

أَلَيْسَ ما قَدْ رآهُ مِنْ تَعَامِيهِ

لا حَيّ وادِيهِ عَنْ وِدٍّ يُواكِبُهُ

وَلا الحَياةُ بِمَا يُنْجِي تُنَاجِيهِ

وَحِكْمَةُ اللَّهِ لَيْسَتْ غَيرَ مُحْكَمَةٍ

مَا الجَورُ مُوجِبُهُ فالعَدْلُ نَافِيهِ

وَاللَّيْلُ إِنْ جَلَّلَ الآفاقَ ظُلْمَتُهُ

وَرَاءهُ نُورُ إِصْباح يُوارِيهِ

للَّهِ ثُمَّ لِيَحيَى المَنُّ متَّسِقاً

عَلَى الأَنامِ بِما تُولِي مَسَاعِيهِ

أَمَا المَمَالِكُ شَتَّى مِنْ غَنَائِمهِ

أَما المُلوك جَميعاً مِنْ مَوالِيهِ

يُقَابِلُ السَّعْدُ عَنْهُ مَنْ يُنَاصِبُهُ

فَما صَوارِمُهُ أَو مَا عَوالِيهِ

بَنَى لَهُ اللَّهُ سُلطَاناً وَشَيَّدَهُ

مَنْ ذا يُضَعْضِعهُ واللُّهُ بَانِيهِ

لِلْمُلكِ بِالمُرتَضَى الهَادِي مُفاخَرةٌ

لَمْ تَبْدُ مِنهُ بِهَادِيهِ ورَاضِيهِ

إيهٍ عَن الشَّرفِ العَادِي أحْرَزَهُ

فَما ادَّعَتْهُ وَلا كَادَتْ أَعَادِيهِ

كَفَاهُ أَنَّ أَبَا حَفْصٍ لهُ سَلَفٌ

وَأَنَّ سَالِفَ نَصْرِ اللَّهِ كَافِيهِ

إِمامُ عَدْلٍ تَدَانَى مِنْ تَواضُعِهِ

والنَّجْمُ في مُرْتقَاهُ لا يُدانِيهِ

رَاقِي الرِّواقِ علَى الأَفْلاكِ صَاعِدُهُ

فَمَنْ يُعَالِيهِ فَرداً في مَعَالِيهِ

مُذْ قَامَ للدِّينِ والدنْيَا بِنَصْرِهِما

قَامَت علَى الشِّرْكِ تَنْعَاهُ نَواعِيهِ

الفَتْحُ ثَالِثُ مَا تُمْضِي إِرَادَتُهُ

وَالحَزْمُ أَوَّلُه والعَزْمُ ثَانِيهِ

صادٍ إِلَى الحَربِ لَكِنْ سَيْفُهُ أَبَداً

رَيَّانُ مِن دَمِ قالِيهِ بِقَانِيهِ

إِذَا تَراءى العِدَى رَاياتِهِ نَخِبَتْ

قُلوبُهُم بِبَئِيسِ القَلبِ مَاضِيهِ

وَإنْ تَوَخَّى رَداهُم فَالقَضاءُ لَهُ

إِلَى انقِضَائِهِم رِدْءٌ يُؤاخِيهِ

بِحرمِكَ العُرفُ وَالعِرْفانُ مُعتَلِجٌ

إِنْ يَسْتَشِطْ غَضَباً فَالحِلمُ شَاطِيهِ

بِاللؤلُؤِ الرطبِ والمرجَانِ يقْذِفُ مِنْ

أَسْجاعِهِ نَاثِراً أَوْ مِنْ قَوافِيهِ

ثَنَتْ قَلائِدُهُ الأَيَّامَ حَالِيَةً

حَتَّى الليالِي حُلِيٌّ مِنْ لآلِيهِ

لِدَهْرِهِ حَبْرَةٌ ممَّا يُحَبِّرُهُ

فَمِنْ أمَانيهِ أَنْ تُتْلَى أَمَالِيهِ

فيهِ البَدِيعُ فَلَوْ عادَ البَديعُ رَأَى

حَتْماً علَى مِثْلِهِ خَتْماً علَى فِيهِ

ولَوْ تُسامِحُنِي العَليَاءُ قُلتُ صَبا

سحْرُ البَيَانِ إلَيْهِ دُونَ صَابِيهِ

هَيْهاتَ مَا فِي المُلوكِ الصِّيدِ مُشْبِهُهُ

أَنَّى تَرَاهُم وَإنْ حَاكَوْا مُحَاكِيهِ

لَمْ يَشْرُف الشِّعر إِلا حِينَ شَرَّفَهُ

نَظْماً لِعَالِيهِ أَوْ سَمعْاً لِغَالِيهِ

وَمَا عَسَى تَبْلُغُ الأَمْداحُ مِنْ مَلِكٍ

أَقْصَى نِهَايَتِها أَدْنَى تَنَاهِيهِ

تَقَيَّلَ الدهْرُ مَنْحاهُ الكَرِيمَ فَقَد

رَاقَتْ حُلاهُ وَقَد رَقَّتْ حَوَاشِيهِ