كرت سوافح عبرتي أشجاني

كَرَّتْ سَوافِحُ عَبْرَتِي أَشْجَانِي

فنُضُوبُ طَرْفِي لامْتِلاء جَنَانِي

وَمِن العَجائِبِ أن يَدُلَّ علَى الهَوى

مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى السُّلْوَانِ

عَكْسَ الحَقائِق في الهَوى مُتَعَارَفٌ

فَتَرَى الأُسُودَ قَنَائِصَ الغِزْلانِ

ولَقَدْ نَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ أقْوَى عَلَى

غَصْبِ النُّهَى مِنْ فَاتِرِ الأجْفَانِ

يا مَنْ لَها خُلْفُ المَوَاعِدِ عَادَةٌ

أمِنَ الوَفاءِ سُطاكَ بِالهَيْمَانِ

أَرْدَفْتِ في هَجْرِي كَرِدْفِكِ غِلْظَةً

وشَبِيهُ خِصْرِكَ رِقَّةً جُثْمَانِي

باللَّهِ قُولِي يَا ابْنَةَ الأَقْيال مَا

هَذَا العِقابُ وَمَا أنَا بِالجَانِي

هَلا أَبَحْتِ مِنَ الرِّضَى مَمْنُوعَه

إنَّ الحِسَانَ مظنَّةُ الإحْسَانِ

أمّا هَوَاكِ فَعَنْ سِوَاك مُكَتَّمٌ

والسِّرُّ عِنْدَ الحُرِّ فِي كِتْمَانِ

لا تَحْسَبِي أنِّي جَنَحْتُ لِسَلْوَةٍ

أنَّي وَما بِي جَلَّ عَنْ حُسْبَانِ

هَذا عِنانِي في يدَيْكِ وإنَّما

فازَتْ يَدَايَ بأَنْ مَلَكْتِ عنَانِي

بِأبِي التِي قَرَنَتْ مَحاسِنُ خدِّهَا

باليَاسَمِينِ شَقَائِقَ النُّعْمَانِ

وَتَبَسَّمَتْ عَن وَاِضحاتِ لآلِئٍ

مَغْرُوزَةٍ في فَائِقِ المَرْجانِ

ولَئِنْ رَنَتْ بِلَوَاحِظٍ من نَرْجسٍ

فَلَقَدْ عَطَتْ بأَنَامِلِ السُّوسانِ

ما عابَها إِلا قَسَاوَةُ قَلْبهَا

مَعَ أَنَّهَا لِيناً كغُصْنِ البَانِ

لَوْ أنَّ سُودَ جُفونِها بِيضٌ إذَنْ

زَحَفَتْ بِهَا الفُرْسَانُ لِلْفُرْسانِ

عَمِدَتْ إِلى أَخْذِي ويا عَجَباً لها

أَيُؤَاخَذُ المَفْتُونُ بالفَتَّانِ

لَجَّتْ فَتُعْرِضُ عن يَقينِ صَبابَتي

لِلعاذِلاتِ يَجِئْنَ بالبُهْتَانِ

ولَرُبَّما حَظِيَ الرَّسولُ بِوَصْلِها

ولِقائِها وحَظِيتُ بالحِرْمانِ

أنَا في هَواها مِثلُها في حُسنِها

تاللَّهِ ما لي فِي العلاقَةِ ثانِي

فَإِذا تُعَدِّد عذْرَةٌ عُشَّاقَها

كُنْتُ المُقَدَّمَ في أخيرِ زَمَانِ

لا تَشْمَتُوا بِيَ إنْ ذَلَلْتُ لِعِزِّها

فَهَوى الغَواني أَصْلُ كُلِّ هَوانِ

ولَقَد أتِيهُ عَلى المُلوكِ بأَنَّنِي

لِلْمُرْتَضَى يَحْيَى مِنَ العِبْدانِ