يا زائري حين لا واش من البشر

يا زائِري حينَ لا واشِ مِنَ البَشَرِ

وَاللَيلُ يَخطُرُ في بَردٍ مِنَ السَحَرِ

فَقُلتُ يا غايَةَ الآمالِ يَأموني

بِالسَعي نَحوَكَ لَاِستَبشَرتَ بِالظَفَرِ

فَكَيفَ إِذا جِئتَ يا سُؤلي وَيا أَمَلي

فَالحَمدُ لِلَهِ ذا فَوزَ بِلا خَطَرِ

ما كُنتُ أَحسَبُ أَنّي مِنكَ مُقتَرِبُ

لِما لَدَيَّ مِنَ الأَوزارِ يا وَزري

حَتّىدَنَوتُ وَصارَ الوَصلِ يَجمَعُنا

وَالسِرُّ مِنكَ وَمِنكَ غَيرَ مُستَمِرِّ

عَلى الكَثيبِ مِنَ الوادي سَقاهُ حَيا

مِنَ الغَمائِمِ بِالآصالِ وَالبِكَرِ

لِلَهِ بارِقَةٌ لِلقَلبِ قَد لَمَعَت

مِن عالَمِ الأَمرِ لا مِن عالَمِ الصُوَرِ

أَنسَتكَ إِيّاكَ وَالأَكوانُ أَجمَعُها

وَأَوقَفَتكَ عَلى المَطلوبِ وَالوَطَرِ

هَذا الحَديثُ وَما يَخفى عَلى فَطَنِ

إِنّي أَرَدتُ بِهِ التَنبيهِ فَاِعتبَرِ

يا أَيُّها الجَوهَرُ المَحصورُ في صَدَفٍ

مَخلوقٍ غَرَضِ التَغييرِ وَالكَدَرِ

مُبِطٌ في حَضيضِ الحَضِّ هِمَّتُهُ

في لِذَّةِ البَطنِ وَالمَنكوحِ وَالنَظَرِ

تَقودُهُ شَهَواتٌ فيهِ جامِحَةٌ

حَتّى تَزُجُّ بِهِ في لُجَّةِ الضَرَرِ

يا أَيُّها الروحُ هَل تَرضى مُجاوَرَةً

عَلى الدَوامِ لِهَذا المَظلِمِ الكَدَرِ

وَأَينَ كُنتَ وَلا جِسمٍ تُساكِنُهُ

أَلَستَ في حَضراتِ القُدسِ فَاِدَّكِرِ

تَأوي مَعَ المَلَأِ الأَعلى وَتَكرَعُ مِن

حِياضِ أَنسَ كَما تَجني مِنَ الثَمَرِ

تَأتي عَلَيكَ نَسيمُ القُربِ مَهدِيَّةً

عَرَفَ الجَمالُ كَعُرفُ المَندَلِ العَطِرِ

حَتّى جَعَلَت بِأَمرِ اللَهِ في قَفَصِ

لَيَبتَليكَ فَكُن مِن مِن خَيرِ مُختَبَرِ

فَحينَ أَبصَرَت هَذا الجِسمِ قَد بَرَزَت

بِهِ العَجائِبِ مِن بادِ ومُستَتَرِ

أَنسَتكَ بَهجَتَهُ ما كُنتَ تَشهَدُهُ

مِن قُدسِ رَبِّكَ فَاِعرِف ضَيعَةَ العُمرِ

رَضيتُ بِالفِكرِ عَن كَشفِ وَأَينِكَ مِن

جَلِيَّةِ الحَقِّ إِن أَخلَدَت لِلفِكرِ

لا تَقنَعَن بِدونِ العَينِ مَنزِلَةً

فَالحُبِّ مَن يَكتَفي بِالظِلِّ وَالأَثَرِ

وَعدٌ هُديتَ فَقَد تَوَدَّيتَ مَطرَحا

هَذا الوُجودُ وَما فيهِ مِنَ الغَيرِ

وَاِسلُك سَبيلاً إِلى الرَحمَنِ قيمَةً

بِها أَتاكَ أَمام البَدوِ وَالحَضَرِ

مَشروحَةً في كِتابِ اللَهِ واضِحَةً

فَسِر عَلَيها وَكُن بِالصِدقِ مُتَّزِرِ

وَبِالرِياضَةِ مَن صَمَتَ وَمَخمَصَةً

مَعَ التَخَلّي عَنِ الأَضدادِ وَالسَهَرِ

وَدُم عَلى الذِكرِ لا تَسأَمُهُ مُعتَقِداً

إِنَّ التَوَجُّهَ روحُ القَصدِ وَالصَدرِ

خَيرُ النَبِيّينَ هادينا وَمُرشِدَنا

بِما أَتانا مِنَ الآياتِ وَالسُوَرِ

صَلّى عَلَيهِ إِلَهي كُلَّما سَجَعَت

حَمامَةٌ فَوقَ مَياسٍ مِنَ الشَجَرِ