إن المطايا في السراب سوابحا

إنَّ المطايا في السراب سوابِحا

تُفلي الفَلاة غوادِيا ورَوَائِحا

عوجٌ كأمثالِ القسيّ ضوامرٌ

يَرمِينَ في الآفاقِ مَرمَىً نازحا

أو كالسحابِ تَسِيرُ مُثقَلَةً بما

حَمَلَتهُ من سُقيَا البِطاحِ دوالِحا

ركبٌ تَيَمَّم غايةً بل آية

أبدَت مُحيَّا الحق أبلج واضحا

لما دعا داعي الرشاد مردِّداً

لَبَّوهُ شَوقاً كالحَمَامِ صَوادِحا

فلهم عَجيجٌ بالبسيطة صاعدٌ

يُذكي بنار الشوق منكَ جَوانِحا

وإذا حَدَا الحادي بذكرِ المصطفى

أذروا على الأكوارِ دمعاً سافحا

عيسٌ تهادى بالمحبّين الألى

ركبوا من العزم المصمم جامحا

طارت بهم أشواقهم سبّاقةً

فتركن أعلامَ المطيّ روازحا

رِفقاً بِهنَّ فهنَّ خلقٌ مِثلُكُم

أنضاءُ أسفارٍ قطعن منادحا

قد جُبن لِلهَادِي وهاداً جمَّة

وسلكن نحو الأبطحيّ أباطحا

ناشدتك الرحمن وافد مكة

ألاَّ صرفتَ إليَّ طَرفاً طامحا

وإذا أتيتَ القبرَ قبرَ مُحَمَّدٍ

وحمدتَ سَعياً من سِفَارِكَ ناجِحا

وذُهِلتَ عن هذا الوجود مُغَيِّباً

لمَّا لمحتَ من الجمالِ مَلاَمِحَا

فاقبُر سلامي عند قبرِ المصطفى

وامسَح بيُمنَاكَ الجِدارَ مُصافِحا

حتى أناخوا بالمحصَّبِ مِن مِنى

وتأملوا النورَ المبينَ اللائِحا

وتعرَّضوا لعوارف عرفيّةٍ

هبَّت بها تلكَ الرياح لوافِحا

وآوَوا إلى الحرمِ الشريفِ فطائِفا

بالبيتِ أو بالرُكنِ منه مَاسِحا

وسقوا بها من ماءِ زمزم شربةً

نالوا بها بالخُلدِ حظاً رابحا

ثم انثَنوا قصداً إلى دارِ الهُدَى

يتَسابقونَ عزائما وجوارِحا

فتبوأوا المغنى الذي بركاتُه

فاضت على الآفاقِ بَحراً طافِحا

ختموا مناسكَهُم بزورَةِ أحمدٍ

فختامُ مسكٍ طَابَ عَرفاً نافِحا

إن السماحةَ والشجاعةَ والنَّدَى

والبأسَ والعقلَ الأصيلَ الراجِحا

وقفٌ على شَمسِ المَعَالِي يُوسُف

أعلَى المُلوك خَواتِماً وفواتحا