تجنب في قرب المحل وقصده

تجنّبَ في قُربِ المحلِّ وقصدهِ

وزارَ على شَحط المزارِ وبُعدهِ

خيالُ حبيبٍ ما سعدتُ بوصلهِ

وزَورتهِ حتى شقيتُ بصدهِ

تبسّمَ عن عذبٍ شتيت كشملهِ

وشملي يُذكي نارَ قلبي ببردهِ

فلم أدرِ من عُجب تَحَلي ثَغره

أم افترَّ ضِحكا عن فرائدِ عِقدِهِ

وقابلَ نُوّارَ العقيقِ وورَدَهُ

بأنضر مَن نَورِ الشقيقِ ووردهِ

وربّ بَهارٍ مثل خدّي فَاقعٍ

يناجي شقيقاً قانياً مثل خدهِ

سقاني عليه قهوةً مثلَ هجرهِ

وطعم حياتي مُذ بُليتُ بفقدهِ

وما أسكرت قلبي وكيف وما صحا

ولا زال سكراناً بسكرةِ وجدهِ

ولو أنّه يسقيه خمرةَ ريقهِ

لأطفأ وجدا قد كواه بوقدهِ

سقاني وحيّاني بوردة خدهِ

وريَحان صُدغَيهِ وبانةِ قدهِّ

وما زحني بالهجرِ والهجر قُاتلٌ

وما مزحهُ بالهجرِ إلا كجِدهِّ

وبتنا كما شئنا وشاء لنا الهوى

يَكفُّ علينا الوصلُ فاضلَ بردهِ

زمانا نعمنا فيه بالوصل فانقضى

وبانَ علي رغمي ومَن لي بردهِّ

فلا تعذُلَّنَّ الدهرَ في سوء غدرهِ

ولا تَطلُبَن منه الوفاءَ بعهدهِ

وخذ ما أتى منه فليس بعامد

وما خطأ المقدار إلا كعمدهِ

ورِفقا فما الإنسانُ إلاّ بجَدِّهِ

وليس بمُغنٍ عنه كثرةُ كَدهِّ

فما يسِبقُ الطِّرفُ العتيق بشدّه

ولا يقطع السيف الذليقُ بحدهِّ

ولكنّ أقداراً تَحكَّمُ في الورى

فيأخذ كلّ منهم قَدرَ جَدهِّ

وما أحدٌ نال العلاءَ بحقهِ

وأدركه دون الرجال بجهدهِ

سوى الصدر مجد الملك فهو سمالَهُ

بجدٍّ وجدٍّ مستقلّ بعهدهِ

فما قرّ صدرُ الدين إلا بقلبه

ولا اشتدَّ أزرُ الملُكِ إلا بمجَدهِ

وحنَّ إليه الدّستُ مذ كان مرضَعاً

ونافس فيه التختُ أعوادَ مهدهِ

على مجدهِ من جودهِ درعُ نائلٍ

تكفَّل كعبيُّ السماحِ بسَردهِ