ألا حدثاها فهي أم العجائب

أَلاَ حَدِّثَاهَا فَهْيَ أُمُّ الْعَجَائِب

وَمَا حَاضِرٌ في وَصْفِهَا مِثْلُ غَائِبِ

وَلاَ تُخْلِيَا مِنْهَا عَلَى خَطَر السُّرَى

سُرُوجَ الْمَذَاكِي أَوْ ظُهُورَ النَّجَائِبِ

وَلاَ تُغْفِلاَ مِنْ وَسْمِهَا كُلَّمَا سَرَتْ

صُدُورَ الْقَوَافِي أَوْ صُدُورَ الرَّكَائِبِ

وَحُطَّا لَهَا بَيْنَ الْحَطِيمِ وَزَمْزِمٍ

رِحَالاَ مِنَ الْبُشْرَى مِلاَءَ الْحَقَائِبِ

هُوَ الْخَبرُ الصِّدْقُ الَّذِي وَضَحَتْ بِهِ

سَبِيلُ الْهُدَى بَعْدَ الْتِبَاسِ الْمَذَاهِبِ

وَمَا هِيَ إلاَّ دَعْوَةٌ يُوسُفِيَّةٌ

أَثَارَتْ قَبْولَ اللهِ ضَرْبَةَ لاَزِبِ

سَمَتْ نَحْوَ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَلَمْ تُرَعْ

بِتَشْغِيبِ بَوَّاب وَلاَ إِذْنِ حَاجِبِ

أَيُوسُفُ إِنَّ الدَّهْرَ أَصْبَحَ وَاقِفاً

عَلَى بَابِكَ الْمَأمُولِ مَوْقِفَ تَائِبٍ

دُعَاؤَكَ أَمْضَى مِنْ مُهَنَّدَةِ الظُّبَي

وَسَعْدُكَ أَقْضَى مِنْ سُعُودِ الْكَوَاكِبِ

سُيُوفُكَ فِي أَغْمَادِهَا مُطْمَئِنَّة

وَلِكْنَّ سَيْفَ اللهِ دَامِي الْمَضَاربِ

فَثِقْ بالَّذي أَرْعَاكَ أَمْر عِبَادِهِ

وَسَلْ فَضْلَهُ فَاللهُ أَكْرَمُ وَاهِبِ

لَقَدْ طَوَّقَ الأَذْفُنْشَ سَعْدُكَ خزْيَةً

تَجِدُّ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ الذَّوَاهِبِ

وَفَيْتَ وَخَانَ الْعَهْدَ فِي غَيْرِ طَائِلٍ

وَصَدَّقَ أَطْمَاعَ الظُّنُونِ الْكَوَاذِبِ

جَرَى في مَجَاري الْعِزِّ غَيْرَ مُقَصِّرٍ

وَهَلْ نَهَضَ الْعُجْبُ الْمُخلُّ بِرَاكِبِ

وَغَالَبَ أَمْرَ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ

وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ اللهَ أَغْلَبُ غَالِبِ

وَللهِ في طَيِّ الْوَجُودِ كَتَائِبٌ

تَدقُّ وتخفَى عَنْ عُيُونِ الْكَتَائِبِ

تُغِيرُ عَلَى الأَنْفَاسِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ

وَتَكْمُنُ حَتَّى فِي مِيَاه الْمَشَارِبِ

أَخَذْنَ عَلَيْهِ الطُّرْقَ فِي دَارِ طَارقٍ

فَمَا كَفَّ عَنْهُ الْجَيْشُ مِنْ كَفِّ نَاهِبِ

فَصَارَ إِلَى مَثْوَى الإِهَانِةِ ذَاهِباً

وَخَلَّفَ عَارَ الْغَدْرِ لَيْسَ بِذَاهِبِ

فَمِنْ قَارِعٍ في قَوْمِهِ سنَّ نَادِمٍ

وَمِنْ لاَطِمٍ فِي رَفْعِهِ خَدَّ نَادِبِ

مَصَائِبُ أَشْجَى وَقْعُهَا مُهَجَ الْعِدَى

وَكَمْ نِعَمٍ فِي طَيِّ تِلْكَ الْمَصَائِبِ

شُوَاظٌ أَرَادَ اللهُ إِطْفَاءَ نَارِهِ

وَقَدْ لَفَحَ الإِسْلاَمَ مِنْ كُلِّ جانِبِ

وَإنْ لَمْ يُصِبُ مِنْهُ السِّلاَحُ فَإِنَّمَا

أُصِيبَ بِسَهْمٍ مِنْ دُعَائكَ صَائِبٍ

وَللهِ مِنْ أَلْطَافِهِ فِي عِبَادِهِ

خَزَائِنُ مَا ضَاقَتْ بِمَطْلَبِ طَالِبِ

فَمَهْمَا غَرَسْتَ الصَّبْرَ فِي تُرْبَة الرِّضَا

بِحُكْمِ الْقَضَا فَلْتَجْنِ حُسْنَ الْعَوَاقِبِ

وَلاَ تُبْعِدِ الأَمْرَ البَعِيدَ وُقُوعُهُ

فَإِنَّ اللَّيَالي أًمَّهَاتُ الْعَجَائِبِ

هَنِيئاً بِصُنْعٍ قَدْ كَفَاكَ عَظِمُهُ

رُكُوبَ الْمَرَامِي وَاخْتِيَارَ الْمَوَاكِبِ

وَدْونَكَ فَافْتَحْ كُلَّ مَا أَبْهَمَ الْعِدَى

وَرُدَّ حُقُوقَ الدِّينِ مِنْ كُلِّ غَاصِبِ

وَبَادِرْ عَدُوَّ اللهِ عِنْدَ اضْطِرَابِهِ

وَعَاجِلْهُ بِالْبيِضِ الرِّقَاقِ الْقَوَاضِبِ

إِذَا قِيلَ أَرْضُ اللهَ إِرْثُ عِبَادِهِ

بمُوجبِ تَقْوَى أَنْتَ أَقْرَبُ عَاصِبِ

أَلَسْتَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذَيِنَ إِذَا انْتَمَوْا

نَمَتْهُمْ إلى الأَنْصَارِ غُرُّ الْمَنَاسِبِ

سَمَاحَةُ أَيْمَانٍ وَإِشْرَاقُ أَوْجُهٍ

وَصِحَّةُ أَحْلاَمِ وَغُرُّ مَنَاقِبِ

إِذَا أَشْرَقَتْ يَوْمَ النَّوَالِ وُجُوهُهُمْ

رَأيْتَ بُدُوراً في خِلاَلِ السَّحَائِبِ

وَيَا جَبَل الْفَتْحِ اعْتَمِدْهَا صَنِيعَةً

رَأيْنَا بِهَا كَيْفَ انْجَلاَءُ الْغَيَاهِبِ

إِذَا مَا هِبَاتُ اللهِ كَانَتْ صَحِيفَةً

فَمَا هِيَ إلاَّ سَجْدَةٌ فِي الْمَوَاهِبِ