رأت والليل قد سدل الرواقا

رأتْ واللّيْلُ قد سَدَلَ الرِّواقا

شُعاعَ البرْقِ يأتَلِقُ ائْتِلاقَا

وحقّقَتِ الوَميضَ وميضَ نجْدٍ

فهاجَ فؤادَها نجْدٌ وشاقَا

ونازَعَها الزِّمامُ فَما ثَناها

وعارَضَها العِقالُ فما أطاقَا

تَقولُ ليَ السُّراةُ وقدْ أجَدَّتْ

أخَبْلاً تشْتَكي قُلْتُ اشتِياقا

إلى عُمَرَ بن عبْدِ اللهِ حنّتْ

رِكابِي فهْيَ تسْتَبِقُ اسْتِباقا

إلى الغَيْثِ الذي إنْ شحّ غيْثٌ

فمِنْ يمْناهُ ينْدَفِقُ انْدِفاقا

إلى اللّيْثِ الذي راعَ الأعادِي

وأمّنَ رِفْقُ سِيرتِهِ الرِّفاقا

إلى حبْرِ السّياسَةِ لا يُجارَى

ولا يَبْغِي مُعارِضُهُ اللِّحاقَا

إلى الفَطِنِ الذي لوْلا نَداهُ

إذا ما جُسْتَهُ خِفْتَ احْتِراقا

إلى قمَرِ الوِزارَةِ جلّلَتْهُ

إياةُ السّعْدِ نوراً واتّساقَا

وَحيدُ الفضْلِ مُشتَرَكُ الأيادِي

بمَيْدانِ العُلا حازَ السِّباقا

إذا نسَقَ الحَديثَ الرّطْبَ قُلْنا

أهَذا الشّهْدُ أمْ أحْلَى مَذاقا

وإنْ ذُكِرَتْ مَفاخِرُهُ ابْتَدَرْنا

مهَبَّ الطّيبِ يُنْتَشَقُ انْتِشاقا

مَرينِيُّ النِّجارِ فَلا ادِّعاءً

تَقولُ إذا مدَحْتَ ولا اخْتِلاقا

ومَنْ كأبِيهِ عبْدِ اللّهِ رأياً

إذا ما المُعْضِلُ انْطَبَقَ انْطِباقا

لَعَبْدُ اللّهِ في الوِزارَةِ مهْما

تُذوكِرَ خيْرُ مَنْ ركَضَ العِتاقَا

ظَهيرُ الأمْرِ والقِدْحُ المعَلّى

وأكْرَمُ مَنْ نَضا البِيضَ الرِّقاقَا

غَدَتْ عُلْياهُ فوْقَ البَدْرِ تاجاً

وللجوْزاءِ قدْ مثَلَتْ نِطاقَا

لقدْ غَدَتِ الوِزارةُ منْكَ تُزْهى

بمَنْ رقّتْ سَجاياهُ وَراقا

وسيْفُ المُلْكِ أنتَ وأيُّ سيْفٍ

كَفى الأزَماتِ دونَ دَمٍ أراقَا

ركِبْتَ الهَوْلَ في سُبُلِ المَعالي

فَلُقّيتَ السّعادَةَ والوِفاقَا

ضرَبْتَ الصّخْرَ فانْفجَرَ انْفِجاراً

ضرَبْتَ البَحْرَ فانْفرَقَ انْفِراقا

وِزارَتُكَ التي حقّاً تُهنَّى

فَما هَدَراً وَلِيتَ ولا اتِّفاقا

فلَمْ تَزْدَدْ برُتْبَتِها عُلُوّاً

ولمْ تزْدَدْ بنِعْمَتِها ارْتِفاقَا

ولكِنْ بعْضُ حقِّكَ قُمْتَ فِيهِ

بحقِّكَ بعْدَما استُرِقَ اسْتِراقا

خطَبْتُ عُلاكَ قبلَ اليوْمِ وُدّاً

بذَلْتُ منَ الوَفاءِ لهُ صَداقا

وأوْعَدْتُ الزّمانَ بِكَ انتِصاراً

وأرْغَمْتُ الخُطوبَ بكَ اعْتِلاقا

فسامِحْني فعُذْري غيْرُ خافٍ

إذا ما العُذْرُ في التّقْصيرِ ضاقَا

شَكَوْتُ لكَ التّغرُّبَ قبْلَ هَذا

وها أنا بعْدَهُ أشْكُو الفِراقَا

فلَوْلا ما تَوالَى منْ حَديثٍ

بعِزِّكَ لمْ أكُنْ ممّنْ أفاقَا

فقَرِّرْ حالَتي منْ غيْرِ لُبْثٍ

هَناءً واحْتِراماً وانْطِلاقا

ركِبْتَ الدّهْرَ مُنْقاداً ذَلولاً

بحُرْمَةِ مُصْطَفَى ركِبَ البُرَاقا