أصون لساني والجنان يذال

أَصُونُ لِسانِي وَالْجَنانُ يُذالُ

وَأَقْصِرُ بَثِّي وَالشُّجُونُ طِوالُ

وَأَحْبِسُ عَنْ قَوْمٍ عِنانَ قَصائِدِي

وَقَدْ أَمْكَنَ الطَّرْفَ الْجَوادَ مَجالُ

تُذَمُّ اللَّيالِي إِنْ تَعَذَرَ مَطْلَبٌ

وَأَوْلى لَعَمْرِي أَنْ تُذَمَّ رِجالُ

وَما أُلْزِمُ الأَيّامَ ذَنْبَ مَعاشِرٍ

لِدَرِّهِمُ قَبْلَ الرَّضاعِ فِصالُ

وَآلِ غِنىً جَمٍّ هُمُ الْبَحْرُ ثَرْوَةً

وَلكِنَّهُمْ عِنْدَ النَّوائِبِ آلُ

لَوَ أنَّ بِلالاً جاءهُمْ بِمُحَمَّدٍ

لَعادَ وَما فِي فِيهِ مِنْهُ بِلالُ

خَلِيلَيَّ ما كُلُّ الْعَسِيرِ بِمُعْجِزٍ

مَرامِي وَلا كُلُّ الْيَسِيرِ يُنالُ

وَلَيْسَ أَخُو الْحاجاتِ مَنْ باتَ راضِياً

بِعَجْزٍ عَلَى الأَقْدارِ فِيهِ يُحالُ

تَقَلَّبْتُ فِي ثَوْبِي رَخاءٍ وَشِدَّةٍ

كَذلِكَ أَحْوالُ الزَّمانِ سِجالُ

وَقَدْ وَسَمَتْنِي الأَرْبَعُونَ بِمَرِّها

وَحالَتْ بِشَيْبِي لِلْشَّبِيبَةِ حالُ

فَلَيْتَ الَّذِي أَرْجُو مِنَ الْعُمْرِ بَعْدَها

يَطِيبُ بِهِ عَيْشٌ وَيَنْعَمُ بالُ

يَقُولُ أناسٌ كَيْفَ يُعْجزُكَ الْغِنى

وَمِثْلُكَ يَكْفِيهِ الْفِعالَ مَقالُ

وَما عِنْدَهُمْ أَنَّ السُّؤالَ مَذَلَّةٌ

وَنَقْصٌ وَما قَدْرُ الْحَياةِ سُؤالُ

تَرَفَّعَتُ إِلاّ عَنْ نَدى ابْنِ مُحَسِّنٍ

وَخَيْرُ النَّدى ما كانَ فِيهِ جَمالُ

وَعِنْدَ وَجِيهِ الدَّوْلَةِ ابْنِ رَشِيدِها

سَماحٌ وَبَذْلٌ غامِرٌ وَنَوالُ

وَأَخْلاقُ غَيْثٍ كُلما جِئْتُ صادِياً

وَرَدْتُ بِهِنَّ الْعَيْشَ وَهْوَ زُلالُ

وَبِشْرٌ إِلى الزُّوّارِ فِي كُلِّ لَزْبَةٍ

بِهِ تُلْقَحُ الآمالُ وَهْيَ حِيالُ

تَدانَتْ بِهِ الْغاياتُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ

وَخَفَّتْ بِهِ الْحاجاتُ وَهْيَ ثِقالُ

وما البِشْرُ إِلاّ رائِدٌ بَعْدَهُ الْحَيا

أَلا إِنَّما وَعْدُ السَّحابَةِ خالُ

مَتى أَرجُ إِسمعيلَ لِلْعِزِّ وَالْغِنى

فَما هُوَ إِلاّ عِصْمَةٌ وَثِمالُ

فَتىً ظافَرَتْ هِمّاتُهُ عَزَماتِهِ

كَما ظافَرَتْ سُمْرَ الصِّعادِ نِصالُ

هُوَ الْبَدْرُ إِلا أَنَّهُ لا يُغِبُّهُ

عَلَى طُولِ أَوْقاتِ الزَّمانِ كَمالُ

مِنَ الْقَوْمِ ذادَ النّاسَ عَنْ نَيْلِ مَجْدِهِمْ

قِراعٌ لَهُمْ دُونَ الْعُلى وَنِضالُ

نِبالُ الْمَساعِي ما تَزالُ ثَوابِتاً

لَهُمْ فِي قُلُوبِ الحاسِدِينَ نِبالُ

إِذا قاوَلُوا بِالأَحْوَذِيَّةِ أَفْحَمُوا

وَإِنْ طاوَلُوا بِالْمَشْرَفِيَّةِ طالُوا

أُولئِكَ أَنْصارُ النَّبِيِّ وَرَهْطُهُ

إِذا عُدَّ فَخْرٌ باهِرٌ وَجَلالُ

أَأَزْعُمُ أَنْ لا مالَ لِي بَعْدَ هذِهِ

وَجُودُكَ ذُخْرٌ لِلْمُقِلّ وَمالُ

وَمَنْ سارَ يَسْتَقْرِي نَداكَ إِلى الْغِنى

فَلَيْسَ بِمَخْشِيٍّ عَلَيْهِ ضَلالُ

وَما جَوْهَرُ الأَشْياءِ وَالْخَلْقِ خافِياً

إِذا ما طِباعٌ مُيِّزَتْ وَخِلالُ

لَفَضَّلَ ما بَيْنَ السُّيُوفِ مَضاؤُها

وَفَضَّلَ ما بَيْنَ الرِّجالِ فِعالُ

تَأَخَّرَ عَنْكَ الْمَدْحُ لا عَنْ تَجَنُّبٍ

وَلكِنَّهُ الْمَعْشُوقُ فِيهِ دَلالُ

وَعِنْدِي ثَناءٌ لا يُمَلُّ كَما انْثَنى

إِلى عاشِقٍ بَعْدَ الصُّدُودِ وِصالُ

يُزانُ بِهِ عِرْضُ الْفَتى وَهْوَ ماجِدٌ

كَما زانَ مَتْنَ الْمَشْرَفِيِّ صِقالُ

وَلا بُدَّ لِي مِنْ دَوْلَةٍ بِكَ فَخْمَةٍ

بِها مِنْ صُرُوفِ النّائِباتِ أُدالُ

وَمِنْ نِعْمَةٍ خَضْراءَ عِنْدَكَ غَضَّةٍ

يُمَدُّ عَلَيْها لِلنَّعيمِ ظِلالُ

فَلا يَسْتَرِثْ مِيعادَ مَجْدِكَ جاهِلٌ

فَما عِنْدَ مَجْدِ الأَسْعَدينَ مِطالُ

فَإِنَّ نُجُومَ اللَّيْلِ فِي حِنْدِسِ الدُّجى

يُرَيْنَ بَطِيئاتٍ وَهُنَّ عِجالُ

وَهَلْ لِلْوَرى إِلاّ عَلَيْكَ مُعَوَّلٌ

وَهَلْ لِلعُلى إِلاّ إِلَيْكَ مَآلُ

فَما الْمَجْدُ إِلاّ لِلْكِرامِ مَمالِكٌ

وَلا النّاسُ إِلاّ لِلْكُفاةِ عِيالُ

إِذا ما الْقَوافِي بَشَّرَتْكَ بِمَطْلَبٍ

وَفى لَكَ مِنْها بِالْحقائِقِ فالُ