أفيض دموع أم سيول تموج

أفَيْضُ دُمُوعٍ أَمْ سُيُولٌ تَمَوَّجُ

وَحَرُّ ضُلُوعٍ أَمْ لَظىً تَتَأَجَّجُ

كَفى مِنْ شَجايَ عَبْرَةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ

وَلُبٌّ مُطارٌ أَمْ سَقامٌ مُهَيَّجُ

شَرِبْتُ مِنَ الأَيّامِ كَأْساً رَوِيَّةً

وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الصَّقْوَ بِالرَّنْقِ يُمْزَجُ

وَلَمْ يُبْكِنِ رَسْمٌ بِنَعْمانَ دارِسٌ

وَلا شَفَّنِي ظَبْيٌ بِرامَةَ أَدْعَجُ

وَلكِنْ جُنُونٌ مِنْ زَمانٍ مُسَفَّهٍ

وَدَهْرٌ جَهُولٌ أَوْلَقُ الرَّأْيِ أَهْوَجُ

سَلَوْتُ وَما كادَ السُّلُوُّ يُطِيعُنِي

لَوَانَّ زَماناً جائِراً يَتَحَرَّجُ

إِذا دَخَلَ الْهَمَّ الْغَرِيبُ عَلَى فَتىً

رَأَيْتَ الْهَوى مِنْ قَلْبِهِ كَيْفَ يَخْرُجُ

تَعَفَّتْ رُسُومُ الْمَكْرُماتِ كَما عَفا

عَلَى الدَّهْرِ مَلْحُوبٌ وَأَفْقَرَ مَنْعِجُ

فَلَوْلا بَنُو الصُّوفِيِّ أَعْوَزَ مُفْضِلٌ

إِلى بابِهِ لِلْوَفْدِ مَسْرىً وَمَدْلَجُ

وَلِلسَّيِّدِ الْمَأْمُولِ فِيهِمْ مَكارِمٌ

تُساحُ بِأرْزاقِ الْعُفاةِ وَتُمْزَجُ

لَعَمْرِي لَقَدْ سادَ الْكِرامَ وَبَذَّهُمْ

أَغَرُّ صَقِيلُ الْعِرْضِ أَزْهَرُ أَبْلَجُ

حَطَطْنا رِحالَ الْعِيسِ فِي ظِلِّ جُودِهِ

إِلى خَيْرِ مَنْ تُحْدى إِلَيْهِ وَتُحْدَجُ

خَصيبُ مَرادِ الْخَيْرِ وَالْخَيْرُ مُجْدِبٌ

جَدِيدُ رِداءِ الفَضْلِ وَالْفَضْلُ مُنْهَجُ

أَبَرُّ وَأَنْدَى مِنْ نَدى الْمُزْنِ راحَةً

وَأَبْهى مِنَ الْبَدْرِ الْمُنِيرِ وَأَبْهَجُ

قَضى حاجَتِي بِالْجُودِ حَتّى كَأَنَّهُ

إِلى بَذْلِ ما يُسْدِي مِنَ الْجُودِ أَحْوَجُ

وَكُنّا إِذا ما رابَنا الدَّهْرُ مَرَّةً

وَلِلدَّهْرِ أَحْوالٌ تَسُوءُ وَتُبْهِجُ

دَعَوْنا لَهُ جُودَ الْوَجِيهِ وَإِنَّما

دَعَونا حَياً أَوْ وابِلاً يَتَثَجَّجُ

وَكَمْ قَطَعَتْ فِينا اللَّيالِي وَغالَنا

لَها مُقْلِقٌ مِنْ فادِحِ الْخَطْبِ مُزْعِجُ

فَذادَ أَبُو الذَوّادِ عَنّا صُرُوفَها

وَفَرَّجَ غَمّاءَ الْخُطُوبِ الْمُفَرِّجُ

فَتىً يَسَعُ الآمالَ أَدْنى ارْتِياحِهِ

وَيَغْرَقُ فِي نُعْماهُ مَنْ لا يُلَجِّجُ

فَتىً لَمْ يَزَلْ لِلْمَجْدِ تاجاً وَمَفْخَراً

إِذا ماجِدٌ بِالْفَخْرِ أَمْسى يُتَوَّجُ

كَفانِي نَدى كَفَّيْهِ خُلْفَ مَواعِدٍ

بِها يَسْتَقِيمُ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ أَعْوَجُ

وَأَغْنى عَنِ الْبُخّالِ راجَعْتُ جُودَهُمْ

فَلَمْ أَرَ جُلْمُوداً عَلَى الطَّبْخِ يَنْضَجُ

حَلَفْتُ لَقَدْ أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ نِعْمَةً

بِها الشُّكْرُ يُغْرى وَالْمَحامِدُ تَلْهَجُ

وَأَحْسَنَ بِي مِنْ قَبْلِكَ الْحَسَنُ الَّذِي

تَوَلى وَما لِلْمَجْدِ عَنْهُ مُعَرَّجُ

أَبُوكَ الَّذِي ما زالَ يَرْحَبُ هِمَّةً

يَضِيقُ بِها صَدْرُ الزَّمانِ وَيَحْرَجُ

بَنى لَكُمُ بَيْتاً رَفِيعاً عِمادُهُ

تَرَقَّى إِلَيْهِ النَّيِّراتُ وَتَعْرُجُ

فَلا ظِلُّهُ عَنْ مُسْتَظِلٍّ بِقاصِرٍ

وَلا بابُهُ عَنْ مُرْتجِي الْخَيْرِ مُرْتَجُ

بِرُغْمِ الْعِدى أَنْ بِتَّ وارِثَ مَجْدِهِ

وَذلِكَ حَقٌّ لَمْ تَكُنْ عَنْهُ تُفْرجُ

وَما هِيَ إِلاّ صَعْبَةٌ عَزَّ ظَهْرُها

وَأَنْتَ عَلَى أَمْثالِها تَتَفَحَّجُ

وَما زِلْتَ تَعْلُو مَنْكِبَ الْعَزْمِ ظافِراً

وَتُلْجِمُ بِالْحَزْمِ الْحَمِيدِ وَتُسْرِجُ

تَزِيدُ عَلَى وَعْكِ الزَّمانِ نَباهَةً

كَأَنَّكَ صُبْحٌ فِي دُجىً يَتَبَلَّجُ

تُشَرَّفُ وَالأَيّامُ فِيها دَناءَةٌ

وَتَخْلَصُ وَالأَقْوامُ زَيْفٌ وَبَهْرَجُ

عَزائِمُ مَحْسُودِ الْمَعالِي كَأَنَّها

سَوابِقُ تَرْدِي بِالْكُماةِ وَتَمْعَجُ

خَلائِقُ تَجْتاحُ الْخَطُوبَ كَأَنَّها

ظُبىً بِدَمِ الْفَقْرِ الْمُضِرِّ تُضَرَّجُ

أَتَتْكَ بِمِسْكِيِّ الثَّناءِ كَأَنَّما

أَطابَ شَذاها عِرْضُكَ الْمُتَأَرِّجُ

لَها مِنْ نِظامِ الدُّرِّ ما جَلَّ قَدْرُهُ

وَقِيمَتُهُ لا ما يُحاكُ وَيُنْسَجُ

مُحَجَّبَةٌ لَوْلاكَ لَمْ يَحْوِ ناظِرٌ

بِها الْفَوْزَ وَالْحَسْناءُ لا تَتَبَرَّجُ

وَكُلُّ ثَناءٍ دُونَ قَدْرِكَ قَدْرُهُ

وَإِنْ زانَ قَوْماً وَشْيُهُ والْمُدَبَّجُ

أَرى فِيكَ لِلآمالِ وَعْدَ مَخِيلَةٍ

وَما هِيَ إِلاّ مُقْبِبٌ سَوْفَ تُنْتَجُ

سَقى اللهُ حُسْنَ الظَّنِّ فِيكَ فَإِنَّهُ

طَرِيقٌ إِلى الْغُنْمِ الْكَرِيمِ وَمَنْهَجُ

فَأَسْمَحُ خَلْقٍ عِنْدَ جُودِكَ باخِلٌ

وَأَحْسَنُ فِعْلٍ عِنْدَ فِعْلِكَ يَسْمُجُ