جرى لك بالتوفيق أيمن طائر

جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ

وَمُلِّيتَ مَأْثُورَ الْعُلى وَالْمآثِرِ

وَأَيَّدَكَ اللهُ الْعِليُّ ثَناؤُهُ

بَعاجِلِ نَصْرٍ خالِدِ الْعِزِّ قاهِرِ

وَلا زِلْتَ وَرّاداً إِلى كُلِّ مَفْخَرٍ

مَوارِدَ مَحْمُودٍ سَعِيدِ الْمَصادِرِ

لَقَدْ دَلَّ تَشْرِيفُ الْخَلِيفَةِ أَنَّهُ

بِخَيْرِ بَنِي أَيّامِهِ خَيْرُ خابِرِ

وَأَنَّ لَهُ فِي حَوْطَةِ الدِّينِ هِمَّةً

بِها يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ مِنْ كُلِّ ناصِرِ

تَسَرْبَلْتَ عَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمُلْكَ فَخْرَهُ

وَما الْفَخْرُ إِلاّ لِلسُّيُوفِ الْبَواتِرِ

وما جَهِلَتْ نُعْماهُ عِنْدَكَ قَدْرَها

وَقَدْ كَشَفَتْ عَمّا طَوى فِي الْضّمائِرِ

وَما نَبَّهَتْ إِلاّ عَلَى ذِي نَباهَةٍ

كَما سُقِي الرَّوْضُ الْخَطِيبُ بِماطِرِ

وَما كانَ إِلاّ الْعَنْبَرَ الْوَرْدَ فِعْلُهُ

أُضِيفَ إِلى نَشْرٍ مِنَ الْمِسْكِ عاطِرِ

وَما شاءَ إلاّ أَنْ تُحَقِّقَ عِنْدَهُ

مَحَلَّكَ مِنْ طاوٍ هَواهُ وَناشِرِ

وَأَنَّكَ مَعْقُودٌ بِأَكْبرِ هِمَّةٍ

وَأَنَّكَ مَعْدُودٌ لَهُ فِي الذَّخائِرِ

وَلَيْسَ يَبِينُ الدَّهْرَ إِخْلاصُ باطِنٍ

إذا أَنْتَ لَمْ تُدْلَلْ عَلَيْهِ بِظاهِرِ

رَآكَ بِعَيْنِ اللُّبِّ أَبْعَدَ فِي الْعُلى

وَأَسْعَدَ مِنْ زُهْرِ النُّجُومِ الْبَواهِرِ

وَأَبْهى مَحَلاً فِي الْقُلُوبِ وَمَوْقِعاً

وَأَشْهى إِلى لَحْظِ الْعُيُونِ النَّواظِرِ

وَأَطْعَمَ فِي الَّلأْواءِ والدَّهْرُ ساغِبٌ

وَأَطْعَنَ فِي صَدْرِ الْكَمِيِّ الْمَغامِرِ

فَناهَزَ فَخْراً باصْطِفائِكَ عاجِلاً

عَلَى كُلِّ باقٍ فِي الزّمانِ وَغابِرِ

وَما ذاكَ مِنْ فِعْلِ الْخَلِيفَةِ مُنْكَرٌ

وَلا عَجَبٌ فيض البحور الزواخر

وما عد إلا من مناقبه التي

مثلن بِهِ فِي الفِعْلِ طِيبَ الْعَناصِرِ

وَما كانَ تَأْثِيلٌ شَرِيفٌ وَسُؤْدُدٌ

لِيُنْكَرَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى وَالْبَصائِرِ

وأَنْتَ الَّذِي مِنْ بَأْسِهِ فِي جَحافِلٍ

وَمِنْ مَجْدِهِ فِي أُسْرَةٍ وَعَشائِرِ

بِعَزْماتِ مَجْدٍ ثاقِباتٌ هُمُومُها

وَآراءِ مَلْكٍ مُحْصَداتِ الْمَرائِرِ

يَراها ذَوُو الأَضْغانِ بَثَّ حَبائِلٍ

وَما هِيَ إلاّ أَسْهُمٌ فِي الْمَناحِرِ

وَآياتُ مَجْدٍ باهِراتٌ كَأَنَّها

بَدائِعُ تَأْتِي بِالْمَعانِي النَّوادِر

وَأَخْلاقُ مَعْشُوقِ السَّجايا كَأَنَّما

سَقاكَ بِها كَأْسَ النَّدِيمِ الْمُعاقِرِ

يَبيتُ بَعِيداً أَنْ تُوَجَّهَ وَصْمَةٌ

عَلَى عِرْضِهِ والدَّهْرُ باقِي الْمَعايرِ

إِذا دَفَعَ الطُّلابَ إِلْحاحُ لَزْبَةٍ

فأَنْتَ الَّذِي لا يَتَّقِي بِالْمُعاذِرِ

وَما لِلْبُدُورِ أَنْ تَكُفَّ ضِياءَها

وَلا الْبُخْلُ فِي طَبْعِ الْغَمامِ البَواكِرِ

لَعَمْرِي لَقَدْ أَتْعَبْتَ بِالْحَمْدِ مَنْطِقِي

وَأَكْثَرتَ مِنْ شُغْلِ الْقَوافِي السَّوائِرِ

وَما نَوَّهَتْ مِنْكَ الْقَوافِي بِخامِلٍ

وَلكِنْ رَأْيْتُ الشِّعْرَ قَيْدَ الْمَفاخِرِ

إِذا أَنْتَ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْكَ جانِباً

فَمَنْ يَقْتَنِي الْحَمْدَ اقْتِناءَ الْجَواهِرِ

وَما زِلْتَ مَشْغُوفاً لَدَيَّ مُتَيَّماً

بِكُلِّ رَداحٍ مِنْ بَناتِ الْخَواطِرِ

لَهُنَّ إِذا وافَيْنَ مَجْدَكَ قُرْبَةُ الْ

حِسانِ وَدَلُّ الآنِساتِ الْغَرائِرِ

يَرِدْنَ رَبِيعاً مِنْ جَنابِكَ مُمْرِعاً

وَيَرْتَعْنَ فِي إِثْرِ الْغُيُومِ الْمَواطِرِ

وَإِنِّي لَقَوّالٌ لِكُلِّ قَصِيدَةٍ

إِذا قِيلَ شِعْرٌ أَقْحَمَتْ كُلَّ شاعِرِ

فَمِنْ كَلِمٍ يَكْلُمِنْ أَكْبادَ جُسَّدِي

وَمِنْ فِقَرٍ تَرْمِيهِمْ بِالفَواقِرِ

ألا لَيْتَ شِعَرِي هَلْ أَفُوزُ بِدَوْلَةٍ

تُصَرِّفُ كَفِّي فِي عِنانِ الْمَقادِرِ

وَهَلْ تَنَهْضُ الأَيّامُ بِي فِي مَقاوِمٍ

تَطُولُ بِناهٍ لِلزَّمانِ وَآمِرِ

فإِنَّ مِنَ الْعَجْزِ الْمُبِينِ وَأَنْتَ لي

نُزُولِي عَلَى حُكْمِ اللَّيالِي الْجَوائِرِ