سأشكر ما مننت به ومثلي

سَأَشْكُرُ ما مَنَنْتَ بِهِ وَمِثْلِي

لأَهْلِ الْمَنِّ فَلْيَكُنِ الشَّكُورُ

وَأَحْمَدُ حُسْنَ رَأْيِكَ فِيِّ حَمْداً

يَدُومُ إِذا تَطاوَحَتِ الدُّهُورُ

وَإِنْ تَكُ مُسْتَقِلاً ما أَتَانِي

فَمِثْلُكَ يُسْتَقَلُّ لَهُ الْكَثِيرُ

وَأَذْكى ما يَكُونُ الرَّوْضُ نَشْراً

إِذا ما صَابَهُ الْقَطْرُ الْيَسِيرُ

وَلا وَأَبِي الْعُلَى ما قَلَّ نَيْلٌ

بِنَيْلِ أَقَلِّهِ غَنِيَ الْفَقِيرُ

وَلا فُوْقَ الْغِنى جُودٌ فَحَسْبِي

كَفى بِالْمَحْلِ عارِضُكَ الْمَطِيرُ

وَلا عِنْدِي مَكانٌ لِلْعَطايا

فَقُلْ لِلسَّيْلِ قَدْ طَفَحَ الْغَدِيرُ

فِداؤُكَ مَعْشَرٌ سُئِلُوا فَأَجْدَوْا

فَإِنَّكَ غَيْرَ مَسْئُولٍ تَمِيرُ

فَكَيْفَ بِأُمَّةٍ لُؤُمُوا وَذَلُّوا

فَلا خَلْقٌ يَجُودُ وَلا يُجِيرُ

رَأَيْتُكَ حاضِراً فِي حالِ غَيْبٍ

وَبَعْضُ الْقَوْمِ كالْغَيَبِ الْحُضُورُ

لَقَدْ سُدَّتْ مَوارِدُ كُلِّ خَيْرٍ

وَساحَ بِكَفِّكَ الْكَرَمُ الْغَزِيرُ

عَلَى رُغْمِ الزَّمانِ أَجَرْتَ مِنْهُ

وَقَدْ قَلَّ الْمُمانِعُ وَالْمُجِيرُ

تَخَطّى النّائِباتِ إِلَيَّ جُودٌ

كَما فاجاكَ فِي الظَّلْماءِ نُورُ

تَخِذْتَ بِهِ يَداً عِنْدَ الْقَوافِي

يَقُومُ بِشُكْرِها الْفِكْرُ الْمُنِيرُ

وَأَيْنَ الشُّكْرُ مِمّا خَوَّلَتْهُ

جَهِلْتُ وَرُبَّما جَهِلَ الْخَبِيرُ

سَماحٌ رَدَّ رُوحاً فِي الأَمانِي

وَمَعْرُوفٌ بِهِ جُبِرَ الْكَسِيرُ

وَشِعْرٌ لَوْ يَكُونُ الشِّعْرُ غَيْثاً

لَباتَ وَنَوْؤُهُ الشِّعْرِى الْعَبُورُ

مَعانٍ تَحْتَ أَلْفاظٍ حِسانٍ

كَما اجْتمَعَ الْقَلائِدُ وَالنُّحُورُ

يُخَيَّلُ لِي لِعَجْزِي عَنْهُ أَنِّي

بِما أَوْلَيْتَ مِنْ حَسَنٍ كَفُورُ

وَتَعْذِلُنِي الْقَوافِي فِيكَ طُوْراً

وَطَوْراً فِيكَ لي مِنْها عَذِيرُ

وَأَعْلَمُ أَنَّ طَوْلَكَ لا يُجازى

وَهَلْ تُجْزى عَلَى الدُّرِّ الْبُحُورُ

وَتَسْمُو هِمَّتِي فَإِخالُ أَنِّي

عَلَى ما لَسْتُ واجِدَهُ قَدِيرُ

أُعَلَّلُها بِمَدْحِكَ كُلِّ يَوْمٍ

وَما تَعْلِيلُها إِلاّ غُرُورُ

أَمِثْلُكَ مُنْعِماً يُجْزى بِشُكْرٍ

لَقَدْ أَلْقَتْ مَقالِدَها الأُمُورُ

وَما الْعَنْقاءُ بِالْمَكْذُوبِ عَنْها

حَدِيثٌ بَعْدَ ما زَعَمَ الضَّمِيرُ

وَلا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بَعْدَ ذا فِي

أَمانٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرُ

أَغَرُّ مُهَذَّبٌ حَسَباً وَفِعْلاً

يَخِفُّ لِذِكْرِهِ الأَمَلُ الْوَقُورُ

بَني لِبَنِي أَبِي الْعَيشِ الْمَعالِي

فَتىً يَحْلُو بِهِ الْعَيْشُ الْمَرِيرُ

أُناسٌ لا يَزالُ لِمُجْتَدِيهِمْ

عَلَيْهِمْ مِنْ مَكارِمِهِمْ ظَهِيرُ

هُمُ انْتُجِبُوا مِنَ الْحَسَبِ الْمُزَكّى

كَما قُدَّتْ مِنَ الأَدَمِ السُّيُورُ

وَهُمْ فَكُّوا مِنَ الإِخْفاقِ ظَنِّي

بِطَوْلِهِمُ كَما فُكَّ الأَسِيرُ

وَقامَ بِنَصْرِ آَمالِي نَداهُمْ

أَلا إِنَّ النَّدى نِعْمَ النَّصِيرُ

فَإِنْ لَمْ أَحْبُهُمْ وُدِّي وَحَمْدِي

فَلا طَرَدَ الْهُمُومَ بيَ السُّرُورُ

وَقُلْتُ شَبِيهُ جُودِهِمُ الْغَوادِي

إِذا هَطَلَتْ وَمِثْلُهُمُ الْبُدُورُ