سوى باكيك من ينهى العذول

سِوى باكِيكَ مَنْ ينْهى الْعَذُولُ

وَغَيْرُ نَواكَ يَحْمِلُها الْحَمُولُ

أَيُنْكَرُ يا مُحَمَّدُ لِي نَحِيبُ

وَقَدْ غالَتْكَ لِلأَيَّامِ غُولُ

أذا الوَجْهِ الْجَمِيلِ وَقَدْ تَوَلَّى

قَبِيحٌ بَعْدَكَ الصَّبْرُ الْجَمِيلُ

رَحَلْتَ مُفارِقاً فَمَتى التَّلاقِي

وَبِنْتَ مُوَدِّعاً فَمَتى الْقُفُولُ

وَكنْتَ يَقِينَ مَنْ يَرْجُوكَ يَوْماً

فَأَنْتَ الْيَوْمَ ظَنٌّ مُسْتَحِيلُ

نَضَتْ بِكَ ثَوْبَ بَهْجَتِها اللَّيالِي

وَغالَ بَهاءَهُ الدَّهْرُ الْجَهُولُ

وَلَوْ تَدْرِي الْحَوادِثُ ما جَنَتْهُ

بَكَتْكَ غَداةُ دَهْرِكَ والأَصِيلُ

أَيا قَمَرَ الْعُلى بِمَنِ التَّسَلِّي

إِذا لَمْ تَسْتَنِرْ وَمَنِ الْبَدِيلُ

مَتى حالَتْ مَحاسِنَكَ اللَّواتِي

لَها في القَلْبِ عَهْدٌ لا يَحُولُ

مَتى صالَ الْحِمامُ عَلى ابْنِ بَأْسٍ

بِهِ فِي كُلِّ مَلْحَمَةٍ يَصُولُ

مَتى وَصَلَ الزَّمانُ إِلى مَحَلٍّ

إِلى دَفْعِ الزَّمانِ بِهِ الْوُصُولُ

سَأُعْوِلُ بِالْبُكاءِ وَأَيُّ خَطْبٍ

يَقُومُ بِهِ بُكاءٌ أَوْ عَوِيلُ

فإِمّا خانَنِي جَلَدٌ عَزيزٌ

فَعِنْدِي لِلأَسى دَمْعٌ ذَلِيلُ

وَما أُنْصِفْتَ إِنْ وَجِلَتْ قُلُوبٌ

مِنَ الإِشْفاقِ أَوْ ذَهِلَتْ عُقُولُ

وَهَلْ قَدْرُ الرَّزِيَّةِ فَرْطُ حُزْنٍ

فَيُرْضِيَ فِيكَ دَمْعٌ أَوْ غَلِيلُ

لَقَدْ أَخَذَ الأَسى مِنْ كلِّ قَلْبٍ

كَما أَخَذَتْ مِنَ السَّيْفِ الفُلُولُ

وَما كَبِدٌ تَذُوبُ عَلَيْكَ وَجْداً

بِشافِيَةٍ ولا نَفْسٌ تسِيلُ

فَيا قَبْراً حَوى الشَّرَفَ الْمُعَلَّى

وَضُمِّنَ لَحْدَهُ الْمَجْدُ الأَثِيلُ

أُحِلَّ ثَراكَ مِنْ كَرَمٍ غَمامٌ

وأُودِعَ فِيكَ مِنْ بَأْسٍ قَبِيلُ

حُسامٌ أَغْمَدَتْهُ بِكَ اللَّيالِي

سَيَنْحَلُّ فِيكَ مَضْرَبُهُ النَّحِيلُ

وَكانَ السَّيْفُ يُخْلِقُ كُلَّ جَفْنٍ

فَأَخْلَقَ عِنْدَكَ السَّيْفُ الصَّقِيلُ

تَخَرّمَهُ الحِمامُ وَكُلُّ حَيٍّ

عَلَى حُكْمِ الْحِمامِ لَهُ نُزُولُ

فَيا لِله أَيُّ جَلِيلِ خَطبٍ

دَقِيقٌ عِنْدَهُ الْخَطْبُ الْجَلِيلُ

أَما هَوْلٌ بِأَنْ يُحْثى وَيُلْقى

عَلَى ذاكَ الْجَمالِ ثَرىً مَهِيلُ

أَما انْدَقَّتْ رِماحُ الْخَطِّ حُزْناً

عَلَيْكَ أَما تَقَطَّعَتِ النُّصُولُ

أَما وَسَمَ الْجِيادَ أَسىً فَتُحْمى

بِهِ غُرَرُ السَّوابِقِ وَالْحُجُولُ

أَما ساءَ الْبُدُورَ وَأَنْتَ مِنها

طُلُوعٌ مِنْكَ أَعْقَبَهُ الأُفُولُ

أَما أَبْكى الْغُصُونَ الْخُضْرَ غُصْنٌ

نَضِيرُ الْعُودِ عاجَلُه الذُّبُولُ

أما رَقَّ الزَّمانُ عَلى عَلِيلٍ

يَصِحُّ بِبُرْئِهِ الأَمَلُ الْعَلِيلُ

تَقَطَّعَ بَيْنَ حَبْلِكَ وَاللَّيالِي

كَذاكَ الدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ خَلِيلُ

وَأَسْرَعْتَ التَّرَحُّلَ عَنْ دِيارٍ

سَواءٌ هُنَّ بَعْدَكَ وَالطُّلُولُ

وَمِثْلُكَ لا تَجُودُ بِهِ اللَّيالِي

وَلكِنْ رُبَّما سَمَحَ الْبَخِيلُ

أَنِفْتَ مِنَ الْمُقامِ بِشَرِّ دارٍ

تَرى أَنَّ الْمُقامَ بِها رَحِيلُ

وما خَيْرُ السَّلامَةِ فِي حَياةٍ

إِذا كانَتْ إِلى عَطَبٍ تَؤُولُ

هِيَ الأَيّامُ مُعْطِيها أَخُوذٌ

لِما يُعْطِي وَمُطْعِمُها أَكُولُ

تَمُرُّ بِنا وَقائِعُ كُلِّ يَوْمٍ

يُسَمّى مَيِّتاً فِيها الْقَتِيلُ

سَقاكَ وَمَنْ سَقى قَبْلِي سَحاباً

تُرَوَّضُ قَبْلَ مَوْقِعِهِ الْمَحُولُ

غَمامٌ يُلْبِسُ الأهْضامَ وَشْياً

تَتِيهُ بِهِ الْحُزُونَةُ وَالسُّهولُ

كَأَنَّ نَسِيمَ عَرْفِكَ فِيهِ يُهْدى

إِذا خَطَرَتْ بِهِ الرِّيحُ الْقَبُولُ

كَجُودِكَ أو كَجُودِ أَبِيكَ هامٍ

عَميمُ الْوَدْقِ مُنْبَجِسٌ هَطُولُ

وَلَوْلا سُنَّةٌ لِلْبِرِّ عِنْدِي

لَقُلْتُ سَقَتْكَ صافِيَةٌ شَمُولُ

أَعَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمَأْمُولَ صَبْراً

وَكَيْفَ وَهَلْ إِلى صَبْرٍ سَبيلُ

وَما فارَقْتَ مَنْ يُسْلى وَلكِنْ

سِوى الآسادِ تُحْزِنُها الشُّبُولُ

وَما فَقْدُ الْفُرُوعِ كَبيرُ رُزْءٍ

إِذا سَلِمَتْ عَلى الدَّهْرِ الأُصُولُ

وَما عَزَّاكَ مِثْلُكَ عَنْ مُصابٍ

إِذا ما راضَكَ اللُّبُّ الأَصِيلُ

سَدادُكَ مُقْنِعٌ وَحِجاكَ مُغْنٍ

وَدُونَكَ ما أَقُولُ فَما أَقُولُ

فَلا قَصُرَتْ عَوالِيكَ الأَعالِي

وَلا زالَ الزَّمانُ بها يَطُولُ