عتادك أن تشن بها مغارا

عَتَادُكَ أَنْ تَشُنَّ بِها مُغَارا

فَقُدْها شُزَّباً قُبّاً تَبَارى

كَأَنَّ أَهِلَّةً قَذَفَتْ نُجُوماً

إِذا قَدَحَتْ سَنابِكُها شَرارا

وَهَلْ مَنْ ضَمَّرَ الْجُرْدَ المَذَاكي

كَمَنْ جَعَلَ الطِّرادَ لَها ضِمارا

كَأَنَّ اللَّيْلَ مَوْتُورٌ حَرِيبٌ

يحاوِلُ عِنْدَ ضَوْءِ الصُّبْحِ ثَارا

فَلَيْسَ يَحِيدُ عَنْها مُسْتَجِيشا

عَلَى الإِصْباحِ عِثْيَرَها الْمُثارا

أَخَذْنَ بِثَأْرِهِ عَنَقاً وَرَكْضاً

مَدَدْنَ عَلَى الصَّبَاحِ بِهِ إِزارا

وَقَدْ هَبَّتْ سُيُوفُكَ لامِعَاتٍ

تُفَرِّقُ في دُجُنَّتِهِ نَهارا

أَمَا وَالسَّابِقاتِ لَقَدْ أَبَاحَتْ

لَكَ الشَّرَفَ الْمُمَنَّعَ وَالْفَخَارا

فَزُرْ حَلَباً بِكُلِّ أَقَبَّ نَهْدٍ

فَقَدْ تُدْنِي لَكَ الْخَيْلُ الْمَزَار

وَكَلِّفْ رَدَّها إِنْ شِئْتَ قَسْراً

عَزائِمَ تَسْتَرِدُّ الْمُسْتَعارا

فَأَجْدِرْ بِالْممَالِكِ أَنْ تَراها

لِمَنْ كانَتْ مَمَالِكَهُ مِرارا

وَإِنْ وَلَدَتْ لَكَ الآمالُ حَظَّاً

فَما زالَتْ مَواعِدُها عِشَارا

إِذا عَايَنْتَ مِنْ عُودٍ دُخاناً

فَأَوْشِكْ أَنْ تُعايِنَ مِنْهُ نارا

وَيَأْبى اللهُ إِنْ أَبَتِ الأَعادي

لِنَاصِرِ دينِهِ إِلاَّ انْتِصارا

وَمَا كَبُرَتْ عَلَيْكَ أُمُورُ مَجْدٍ

إِذا أَصْدَقْتَها الْهِمَمَ الْكِبارا

وَمَا هِمَمُ الْفَتى إِلاَّ غُصُونٌ

تَكُونُ لَها مَطالِبُهُ ثِمارا

أَلَسْتَ ابْنَ الَّذي هَطَلَتْ يَداهُ

نَدىً سَرَفاً لِمَنْ نَطَقَ اخْتِصارا

وَأَعْطى الأَلْفَ لَمْ تُعْقَرْ بِنَقْصٍ

وَما غُنِّي وَلا شَرِبَ الْعُقارا

وَأَشْبَعَ جُودُهُ غَرْثى الأَمَانِي

وَرَوَّى بَأُسُهُ الأَسَلَ الْحِرارا

وَقَادَ إِلى الأَعَادِي كُلَّ جَيْشٍ

تَقُودُ إِلَيْهِ رَهْبَتُهُ الدِّيارا

وَلَوْ قُلْتُ ابْنُ مَحْمُودٍ كَفَتْنِي

صِفَاتُ عُلاَكَ فَضْلاً وَاشْتِهار

وَهَلْ يَخْفَى عَلَى السَّارِينَ نَهْجٌ

إِذا ما الْبَدْرُ في الأُفُقِ اسْتَنارا

مِنَ الْقَوْمِ الأُولى جَادُوا سِرارا

وَعَادَوْا كُلَّ مَنْ عَادَوْا جِهارا

وَمَا كَتَمُوا النَّدى إِلاَّ لِيَخْفَى

وَيَأْبى الْغيْثُ أَنْ يَخْفى انْهِمارا

بُدُورُ الأَرْضِ ضَاحِيَةً عَلَيْها

وَأَطْيَبُ مَنْ ثَوى فِيها نُجِارا

إِذا ما زُلْزِلتْ كانوا جِبالاً

وَإِنْ هِيَ أَمْحَلَتْ كانوا بِحارا

وَأَنْتَ أَشَدُّهُمْ بَأْساً وَأَنْدَا

هُمُ كَفّاً وَأَكْثَرُهُمْ فَخارا

وَأَوْفَاهُمْ إِذا عَقَدُوا ذِماماً

وَأَحْمَاهُمْ إِذا حَامَوْا ذِمارا

وَأَمْرَعُهُمْ لِمُرْتَادٍ جَنَاباً

وَأَمْنعُهُمْ لِمَطْلُوبٍ جِوَارا

لَقَدْ لَبِسَتْ بِكَ الدُّنْيَا جَمالاً

فَلَوْ كَانَتْ يَداً كنْتَ السِّوَارا

يُضِيءُ جَبِينُكَ الْوَضَّاحُ فيها

إِذا ما الرَّكْبُ في الظُّلْمآءِ حَارا

فَما يدْرِي أَنَارُ قِراكَ لاَحَتْ

لَهُ أَمْ بَرْقٌ غَيْثِكَ قَدْ أَنَارا

تَمَلَّ أَبا الْقِوامِ شَرِيفَ حَمْدٍ

رَفَعْتُ بِهِ عَلَى الدُّنْيا مَنارا

ثَناءُ ما حَدَاهُ الْفِكْرُ إِلاَّ

أَقَامَ بِكُلِّ مَنْزِلَةٍ وَسَارا

إِذا أُثْنِي بِحَمْدِكَ قَالَ قَوْمٌ

بِحَقِّ الرَّوْضِ أَنْ حَمِدَ الْقُطارا

غَفَرْتُ ذُنُوبَ هذا الدَّهْرِ لَمّا

أَصارَ إِلَيَّ رُؤْيَتَكَ اعْتِذَارا

وَرَدَّ لِيَ الصِّبا بِنَداكَ حَتّى

خَلَعْتُ لَدَيْهِ في اللَّهْوِ الْعِذارا