عرف الدار فحيا وناحا

عَرَفَ الدارَ فَحَيّا وَناحا
بَعدَما كانَ صَحا وَاِستَراحا
ظَلَّ يَلحاهُ العَذولُ وَيَأبى
في عِنانِ العَذلِ إِلّا جِماحا
عَلِّمونِ كَيفَ أَسلو وَإِلّا
فَخُذوا عَن مُقلَتَيَّ المِلاحا
مَن رَأى بَرقاً يُضيءُ اِلتِماحا
ثَقَبَ اللَيلَ سَناهُ فَلاحا
فَكَأَنَّ البَرقَ مُصحَفُ قارٍ
فَاِنطِباقاً مَرَّةً وَاِنفِتاحا
في رُكامٍ ضاقَ بِالماءِ ذَرعاً
حَيثُما مالَت بِهِ الريحُ ساحا
لَم يَزَل يَلمَعُ بِاللَيلِ حَتّى
خِلتُهُ نَبَّهَ فيهِ صَباحا
وَكَأَنَّ الرَعدَ فَحلُ لِقاحٍ
كُلَّما يُعجِبُهُ البَرقُ صاحا
لَم يَدَع أَرضاً مِنَ المَحلِ إِلّا
جادَ أَو مَدَّ عَلَيها جَناحا
وَسَقى أَطلالَ هِندٍ فَأَضحَت
يَمرَحُ القَطرُ عَلَيها مِراحا
دِيَماً في كُلِّ يَومٍ وَوَبلاً
وَاِغتِباقاً لِلنَدى وَاِصطِباحا
كُلُّ مَن يَنأى مِنَ الناسِ عَنها
فَهوَ يَرتاحُ إِلَيها اِرتِياحا
لا أَرى مِثلَكِ ما عِشتُ داراً
رَبوَةً مُخضَرَّةً أَو بِطاحا
لَو حَلَلنا وَسطَ جَنَّةِ عَدنٍ
لَاِقتَرَحناكَ عَلَيها اِقتِراحا
وَإِذا ما ذَرَّتِ الشَمسُ فيها
فَتَّحَت أَعيُنَ رَوضٍ مِلاحا
في ثَرىً كَالمِسكِ شيبَ بِراحٍ
كُلَّما أَنبَتَهُ القَطرُ لاحا
جُمِعَ الحَقُّ لَنا في إِمامٍ
قَتَلَ البُخلَ وَأَحيا السَماحا
أَلِفَ الهَيجاءَ طِفلاً وَكَهلاً
تَحسَبُ السَيفَ عَلَيهِ وِشاحا
وَلَهُ مِن رَأيِهِ عَزَماتٌ
وَصَلَ اللَهُ ضِمنَهُنَّ نَجاحا
يَجعَلُ الجَيشَ إِذا صارَ ذَيلاً
جُرأَةً فيهِ وَبَأساً صُراحا
فَرَجُ الأَعداءِ بِالسِلمِ مِنهُ
وَهوَ في السِلمِ يُعِدُّ السِلاحا
فَرَّقَت أَيديهِمُ المالَ كُرهاً
وَلَقَد كانوا عَلَيها شِحاحا
خاطَ أَفواهَهُم وَقَديماً
مَزَّقوها ضَحِكاً وَمُزاحا
وَوَعوا شُكري إِلَيهِ وَكانوا
مَلَأوا دورَ المُلوكِ نِباحا
أَيقَنوا مِنهُ بِحَربٍ عَوانٍ
وَرِجالٍ يَخضِبونَ الرِماحا
وَبَخيلٍ تَأكُلُ الأَرضَ شَدّاً
مُلجَماتٍ يَبتَدِرنَ الصِياحا
قاصِداتٍ كُلَّ شَرقٍ وَغَربٍ
ناطِقاتٍ بِالصَهيلِ فِصاحا
حَمَلَت أُسداً مِنَ الناسِ غُلباً
وَكِباشاً لا تَمَلُّ النِطاحا
إِن أَغِب عَنكَ فَما غابَ شُكرٌ
دَعوَةٌ جاهِدَةٌ وَاِمتِداحا
يا أَمينَ اللَهِ أَيَّدتَ مُلكاً
كانَ مِن قَبلِكَ نَهباً مُباحا
- Advertisement -