ظننا الذي نادى محقا بموته

ظَنَنَّا الَّذِي نادى مُحِقَّا بمَوْتِهِ

لِعُظْمِ الَّذِي أَنْحَى منَ الرزءِ كاذِبَا

وخلْنا الصَّباحَ الطلقَ لَيْلاً وإِنَّما

حَبَطْنا خُداريَّا مِن الحُزْنِ كارِبَا

ثَكِلْنا الدُّنا لما اسْتَقَلَّ وإِنَّما

فقَدْناكَ يا خَيْرَ البَريّةِ ناعِبَا

وما ذَهَبَتْ إِذ حَصَّلَ القَبْرُ نَفْسَهُ

ولكِنَّما الإِسْلامُ أَدْبَرَ ذاهِبَا

ولمّا أَبَى إِلَّا التَّحَمُّلَ رائِحاً

مَنَحْناهُ أَعْناقَ الكِرامِ رَكائِبَا

يَسِيرُ به النَّعْشُ الأَغَرُّ وحَوْلهُ

أَباعِدُ راحُوا للمُصابِ أَقارِبَا

علَيْهِ حَفِيف لِلْمَلائِكِ أَقْبَلَتْ

تُصافِحُ شَيْخاً ذاكِر اللَّه تائِبَا

تخالُ لَفِيفَ النَّاسِ حَوْلَ ضَريحِهِ

خَلِيطَ قَطاً وافى الشَّرِيعَةَ هَارِبَا

إِذا ما امْتَرَوْا سُحْبَ الدُّمُوعِ تَفَرَّعَتْ

فُرُوعُ البُكا عن بارِقِ الحُزْن لاهِبَا

فمَن ذَا لِفَصْلِ القَوْلِ يَسْطَعُ نُورُهُ

إِذا نحنُ نَاوَأْنَا الألَدّ المناوبَا

ومَن ذا رَبيعُ المُسْلِمينَ يَقُوتُهُم

إِذا النَّاسُ شامُوها بُرُوقا كَواذِبَا

فيا لَهْفَ قَلْبي آهِ ذابَتْ حُشاشتي

مَضى شَيْخُنا الدَّفَّاعُ عنَّا النَّوائِبَا

وماتَ الَّذِي غابَ السُّرُورُ لمَوْتِهِ

فلَيْسَ وإِنْ طالَ السُّرَى منه آيِبَا

وكانَ عَظِيماً يُطْرِقُ الجَمْعُ عِنْدَهُ

ويَعْنُو له رَبُّ الكَتِيبةِ هائِبَا

وذا مِقْوَلٍ عَضْبِ الغرارَيْنِ صارِم

يَرُوحُ به عن حَوْمَةِ الدِّينِ ضارِبَا

أَبا حاتِم صَبْرَ الأَدِيبِ فإِنَّني

رَأَيْتُ جَمِيلَ الصَّبْرِ أَحْلَى عَواقِبَا

وَما زِلْتَ فِيْنَا ترْهب الدَّهْرَ سطْوةً

وصَعْباً به نُعْي الخُطُوبَ المَصاعِبَا

سَأَسْتَعْتِبُ الأَيَّامَ فيكَ لَعَلَّها

لصِحَّةِ ذاك الجِسْمِ تَطْلُبُ طالِبَا

لَئِنْ أَفَلَتْ شَمْسُ المكارِمِ عنكُمُ

لقد أَسأَرَتْ بَدْراً لها وكَواكِبَا