قد تركنا الصبا لكل غوى

قَد تَرَكْنَا الصِّبا لكُلِّ غَوِىٍّ

وانْسَلَخْنَا مِن كُلِّ ذامٍ وعابِ

وانْقَطَعْنَا لِواعِظَاتِ مَشِيبٍ

آذَنَتْنَا حَيَاتُهَا بذَهابِ

وإِذا ما الصِّبا تَحَمَّلَ عنَّا

فقَبِيحٌ بنا ارْتِضَاءُ التَّصابِي

وارْتَكَضْنَا حتَّى مَضَى اللَّيْلُ يَسْعى

وأَتى الصُّبْحُ قاطِعَ الأَسْبَابِ

فكأَنَّ النُّجُومَ في اللَّيْلِ جَيْشٌ

دَخَلُوا للْكُمُونِ في جَوْفِ غابِ

وكأَنَّ الصَّبَاحَ قانِصُ طَيْرٍ

قَبَضَتْ كَفُّه برِجْلِ غُرابِ

وفُتُوٍّ سَرَوْا وقد عَكَفَ اللَّيْ

لُ وأَرْخَى مُغْدَوْدِنَ الأَطْنَابِ

وكأَنَّ النُّجُومَ لمّا هَدَتْهُم

أَشرقَتْ للعُيُونِ مِن آدابِي

وكأَنَّ البُرُوقَ إِذ طالَعَتْهُم

أُوقِدَتْ في سَمائِهَا مِن شِهابِي

يَتَقَرَّوْنَ جَوْزَ كُلِّ فَلاةٍ

جُنْحَ لَيْلٍ جَوْزَاؤُه من رِكابِي

عَنَّ ذِكْرِي لمُدْلجِيهِمْ فتاهُوا

مِن حَدِيثِي في عُرْضِ أَمْرٍ عُجَابِ

هِمَّةٌ في السَّمَاءِ تَسْحَبُ ذَيْلاً

مِن ذُيُولِ العُلا وجَدٌّ كابِي

وفَتًى أَرْهَفَتْ ظُبَاهُ المَعَالِى

فَثَنَتْهُ بالباتِرِ القِرْضَابِ

نَيَّبَتْهُ أَيَّامُهُ ولَيالِي

هِ بظُفْرٍ مِن الخُطُوبِ ونابِ

حُوَّلٌ لَوْ رآهُ صَرْفُ اللَّيَالي

لَتَوَارى مِن خَوْفِهِ في حِجابِ

ذاقَ أَيّامَهُ فكانَ سَواءً

عِنْدَهُ طَعْمُ شُهْدِها والصّابِ

ولَو انَّ الدُّنْيَا كَرِيمةُ نَجْرٍ

لم تَكُنْ طُعْمَةً لفَرْسِ الكِلابِ

وإِذا ما نَظَرْتُ ما حازَ غَيْرِي

قلَّ عمّا حَمَلْتُهُ في ثِيابِي

جِيفةٌ أَنْتَنَتْ فطارَ إلَيْهَا

مِن بَني دَهْرِها فِرَاخُ الذِّئَابِ

مِن شُهَيْدٍ في سِرِّهَا ثُمَّ مِنْ أَش

جَعَ في السِّرِ مِن لُبَابِ اللُّبَابِ

خُطَبَاءُ الأَنَام إنْ عَنَّ خَطْبٌ

وأَعارِيبُ في مُتُونِ عِرابِ