يا يارقا لاح من قبا سحرا

يا يارقاً لاحَ من قُبا سحَراً

بحيثُ حلَّ منَ النُهى سحراً

أُعارَ قلبيَ خفقاً وأخلفَ فاستعارَ

من سُحبِ مُقلتي مطَراً

وأذكرَني العهدَ من سعادَ ولَم

أنسَ وهاجَ الأحزانَ والفِكَرا

أيام نُسقى معَها الشمولَ على

رَوضٍ يُشاكِلُ زَهرُهُ الزَهَرا

وغُصنُهُ طَرَباً تُمَيِّلُه

ريحُ الشمالِ ليلثُمَ النهرا

ونَهرُهُ كالحسامِ جرَّدَني

وسطَ الرياضِ بسيلُ مُنهَمِراً

وزَهرُهُ فيه صار منتَظِماً

لمّا غدا القَطرُ فيه منتشراً

أم هل أطيبُ بطيبَةٍ زَمَناً

وهَل أعودُ من عِطرِها عَطِرا

وهل أرى مُنشِداً بساحتها

مدحَ الرسولِ المبعوثِ من مُضَرا

محمدِ المصطفى الرسول ومن

على جميع الأرسال قد ظَهَرا

قُطبٍ على الأنبياءءِ قاطبةً

وخَيرِ كلّ الأملاكِ والسفُرا

لولاهُ ما طَلَعت ذكاءُ ولا

لاحَ الهِلالُ والكونُ ما ظَهَرا

له المحاسنُ كلّها جُمِعَت

فكاملُ الحُسنِ فيه ما شُطِرا

يُخجِلُ شمسَ الضحى بطَلعَتِهِ

وقمرُ التمّ نورهُ قمِرا

وقدُّهُ فَضَحَ الغُصون ومَن

جِسمهُ راح يفضَحُ الدُرَرا

نورُ الصباحِ يحكي أُسرَّتَهُ

وسُدفَةُ الليل تُشبهُ الشعَرا

كم معجزاتٍ على يدَيهِ بَدَت

عن حصرها كلُّ شاعرٍ حَصِرا

فما تُعَدُّ ولا يحاطُ بها

ومن يَعُدُّ النجومَ والمطرا

قد خَصَّهُ ربُّه الحكيمُ

بمعجزِ الكتابِ فأعجَزَ الشُعرا

ويومَ مولِدِهِ بدَت عِبَرٌ

لمن رآها يا حُسنَها عِبَراً

بنورِه نارُ فارسٍ خمدت

كذاك كسرى إيوانهُ كُسِرا

والظبيُ والضبُّ والذراعُ لهُ

قد أفصَحَت بالكلام دونَ مرا

وقد رأي ربّهُ بمُقلَتِهِ

ليلَةَ أسرى ولَم يَزِغ بَصَراً

والشمس قد ردها الإلاه له

بعدَ المغيبِ وشقَّقَ القَمَرا

في كفِّهِ سبَّحَ الحصى وبها

فاض الزُلالُ المعينُ وانفجرا

وُرقُ الحمام حمَت مكانتَتَه

كذا له العنكبوت قد سَتَرا

والعينُ قد ردَّها وأعذَبَها

بريقِه وسخاً بها بَدَرا

والدوحُ قد أقبلت بلا قَدمٍ

تَسجُدُ بينَ يديهِ إذ أمَرا

وكم وكم راحةٍ براحتهِ

نيلت وأذهَبَ لمسُها ضَرَرا

هذا هو الفردُ في محاسِنِه

هذا الذي لا يُقاس بِالنُظرا

أسألُ ربّي الإلهَ يَمنَحُني

بجاهه ما يُقِرُّ لي النظَرا

وأن يكونَ الختامُ لي حَسَناً

إذا رأيتُ الحمامَ قد حَضَرا

فيا رسولَ الإلاهِ تَشفَعُ لي

فإنني قد أتَيتُ مُفتَقِرا

قد حَمَّلَتني مآثمي ثِقلاً

وليس لي شافعٌ سواك يُرى

ثمَّ الصلاةُ عليك ما سجَعَت

وُرقُ على ورقِ الربا الخضِرا

وما شَدا شائمٌ بروقَ قُبا

يا بارِقاً لاح من قُبا سحَراً