خليلي ما عذري إلى الركب بعدما

خليليَّ ما عُذْري إلى الركبِ بعدما

تقضَّتْ لياليهمْ ولم يَنْقَضِ العمرُ

بكيتُ فلم يقضِ البكا حقَّ مَدْمَعٍ

حياتيَ يوماً بعد فُرْقَتِهِ غَدْرُ

وما جَزَعي إلاّ لأبلجَ إن سرى

مع البدرِ وَهْنَاً قيلَ أيُّهما البدر

رعى اللهُ عبد الله حيثُ تيممتْ

ركائبُهُ أو حيثُ حلَّ به السَّفْر

أُوَدِّعُهُ والليلُ يُودِعُ أَضْلُعي

بلابلَ جَرَّتْها الصبابةُ والفكر

إلى الله أشكو نيّةً بعدَ نيّةٍ

يُكلفنا منها عوائدَهُ الدهر

ألا ليتَ شعري والحوادثُ جمّةٌ

متى يَرْعَوي عنْ جَهْلِهِ الحادثُ البكر

أفي كلِّ يومٍ لابنِ دأيةَ فَتْكَةٌ

عوانٌ بساحاتِ المنازلِ أو بِكر

لقد سعتِ الأيّامُ بيني وبينكمْ

بكفٍّ لها نظمٌ وأُخرى لها نثر

وقد كنتُ أشكو منكمُ هجرَ ساعةٍ

فمنْ لفؤادي أنْ يدومَ له الهجر

سلامٌ على أيّامكمْ ما بكى الحيا

وَسَقْياً لذاكَ العهدِ ما ابتسمَ الزهر

كأنْ لم نَبِتْ في ظلِّ أَمْنٍ يَضُمُّنا

منَ الليلةِ الليلاءِ أرديةٌ خُضْر

ولم نغتبق تلك الأحاديثَ قهوةً

وكم مجلسٍ طِيْبُ الحديثِ به خمر

ألا في ضمانِ اللهِ من كلَّ ساعةٍ

يُجَدِّدُ لي فيها لشوقي له ذكر

يُذَكِّرُنِيهِ البرقُ جذلانَ باسماً

ويُذَكِّرُني إسْفارَ غُرَّتِهِ الفجر

وما رفَّ زهرُ الروضِ إلاّ تمثَّلَتْ

لناظرِ عيني منهُ آدابُهُ الزُّهر

فيا مربعَ التوديعِ لا غروَ أنني

تحمّلتُ منه فوقَ ما يسعُ الصدر

فوالله ما للقلبِ بعدك سلوةٌ

ولا للدموعِ الحمرِ إنْ لم تَفِضْ عُذْر