لا تعرضن لضيق المقل

لا تَعرِضَنَّ لِضيّقِ المُقَلِ

فَتَبيتَ مِن أَمنٍ عَلى وَجَلِ

وَاترُك ظِباءَ التُركِ سانِحَةً

لا تَعتَرِض لِحَبائِلِ الأَجَلِ

فَمَتى يفيقُ وَقيذُ نافِذَةٍ

مَشحوذَةٍ بِالسِحرِ وَالكحَلِ

لا يُوَقِّعَنَّكَ عَذبُ ريقَتِها

أَنا مَن سُقيتُ السُمَّ في العَسَلِ

مِن كُلِّ مائِسَةٍ مُنَعَّمَةٍ

غَرثى الأَياطِلِ فَعمَةِ الكَفَلِ

خَطَرَت بِمِثلِ الرُمحِ مُعتَدِلٍ

وَرَنَت بِمِثلِ الصارِمِ الصَقِلِ

وَتَنَفَّسَت عَن عَنبَرٍ عَبقٍ

وَتَبَسَّمَت عَن واضِحٍ رَتِلِ

خَودٌ تَعَثَّرُ كُلَّما رَقَصَت

مِن شعرِها بِمُسَلسَلٍ رَجِلِ

بَيضاءُ تَنظُرُ مِن مُضَيَّقَةٍ

سَوداءَ تَهزَأُ مِن بَني ثُعَلِ

وَبَلِيَّتي مِن ضيقِ مُقلَتِها

إِن خيفَ فَتكُ الأَعيُنِ النُجُلِ

تَسعى بِصافيةٍ مُعَتَّقَةٍ

تَبدو لَنا في الكَأسِ كَالشُعَلِ

هَجَرَت بَلوذانا مُهاجِرَةً

وَتَنَصَّلَت مِن غلظَةِ الجَبَلِ

وَتَعتَّقَت في آبِلٍ حُقُباً

لَم تُمتَهَن مَزجاً وَلَم تُذَلِ

وَدَنَت كَأَنَّ شُعاعَها قَبسٌ

بادٍ وَإِن جَلَّت عَنِ المَثَلِ

في رَوضَةٍ عُنِيَ الرَبيعُ بِها

فَأَبانَ صنعَةَ عِلَّةِ العِلَلِ

وَكَأَنَّ آذاراً تَنَوَّقَ في

ما حاكَ مِن حُلَلٍ لَها وَحُلي

وَكَأَنَّما فَرَشَت بِساحَتِها

فُرُشَ الزُمُرُّدِ راحَةُ النَفَلِ

وَكَأَنَّ كَفَّ الجَوِّ مِن طَرَبٍ

نَثَرَت عَلَيها أَنجُمَ الحَمَلِ

شَقَّ الشَقيقُ بِها مَلابِسَهُ

حُزناً عَلى ديباجَةِ الأُصُلِ

فَكَأَنَّهُ قَلبٌ تَصَدَّعَ عَن

سَودائِهِ فَبَدَت مِنَ الخَلَلِ

خَطبَ الهَزارُ عَلى مَنابِرِها

فَاعجَب لِأَعجَمَ مُفصِحٍ غَزَلِ

وَدَعَت حَمائمُها مُرَجّعَةً

فَوَقَفتُ في شُغلٍ بِلا شُغُلِ

فَكَأَنَّ في أَغصانِها سَحَراً

ثاني الثَقيلِ وَمُطلَقَ الرَمَلِ

وَكَأَنَّما أَغصانُها طَرِبَت

فَتَأَوَّدَت كَالشارِبِ الثَمِلِ

جَرَّ النَسيمُ بِها مَطارِفَهُ

فَتَنَفَّسَت عَن عَنبَرٍ شَمِلِ

هَمَّ الأَقاحُ بِلَثمِ نَرجسِها

فَثَنى لَهُ ليتاً وَلَم يَطُلِ

وَتَنَظَّمَ المَنثورُ وَافتضحَ النَ

مامُ وَاِنقَبَضَت يَدُ الطَفَلِ

وَأَسالَ باناسٌ ذَوائِبَهُ

فَتَجَعَّدَت في ضَيِّقِ السُبُلِ

أَنّى اِتَّجَهتَ لَقيتَ مُنبَجِساً

مُتَدَفِّقاً في يانِعٍ خَضِلِ

فَكَأَنَّها اِستَسقَت فَباكرها

كَفُّ العَزيزِ بِمسبلٍ هَطِلِ

مَلِكٌ زَهَت أَيّامُ دَولَتِهِ ال

غَرّاءِ وَاِفتَخَرَت عَلى الدُوَلِ

يَغشى الوَغى وَالحَربُ قَد كَشَرَت

لِلمَوتِ عَن أَنيابِها العُصُلِ

وَالشَمسُ كَالعَذراءِ كاسِفَةٌ

مَحجوبَةٌ بِالنَقعِ في كِلَلِ

مَلِكٌ صَوارِمُهُ رَسائِلُهُ

إِنَّ الصَوارِمَ أَبلَغُ الرُسلِ

مَلِكٌ قَصَرتُ عَلى مَدائِحِهِ

شِعري وَعِندَ نَوالِهِ أَمَلي

لا أَبتَغي مِن غَيرِهِ نِعَماً

كَم عُفتُ مِن بِرٍّ تَعَرَّضَ لي

عَثَّرتَ خَلفَكَ كُلَّ ذي كَرَمٍ

يَجري وَراكَ وَأَنتَ في مَهَلِ

وَمَتى يَنالُ عُلاكَ مُجتَهِدٌ

هَيهاتَ أَينَ التُربُ مِن زُحَلِ

سَفَهاً بِحلمي إِن تَرَكتُ أَتِـ

ـيَّ السَيلِ وَاِستَغنَيتُ بِالوَشَلِ