لو أن غير الدهر كان العادي

لَو أَنَّ غَيرَ الدَهرِ كانَ العادي

لَتَبادَرَت قَومي إِلى إِنجادي

وَلَدافَعَت عَنكَ المنونَ فَوارِسٌ

بيضُ الوُجوهِ كَريمَةُ الأَجدادِ

قَومٌ بَني شاذي وَأَيّوبٌ لَهُم

فَخراً تَليداً فَوقَ مَجدٍ عادي

مِن كُلِّ وَضاحٍ إِذا شَهِدَ الوَغى

رَوّى الأَسِنَّةَ مِن دَمِ الأَكبادِ

كَسَبوا المَكارِمَ مِن مُتونِ صَوارِمٍ

وَجَنوا المَعالي مِن صُدورِ صِعادِ

المُبصِرونَ إِذا السَنابِكُ أَطلَعَت

شَمسَ الظَهيرَةِ في ثِيابِ حِدادِ

لَم تَنبُ في يَومِ الهياجِ سُيوفُهُم

عَن مَضرِبٍ وَنَبَت عَنِ الأَغمادِ

قَسَماً لَو انَّ المَوتَ يَقبَلُ فِديَةً

عَزَّت لَكُنتُ بِمُهجَتي لَكَ فادي

قَد كُنتُ أَرجو أَن أَراكَ مُقاسِمي

في خَفضِ عَيشٍ أَو لِقاءِ أَعادي

وَأَراكَ في يَومي وَغىً وَمَسَرَّةٍ

قَلبَ الخَميسِ وَصَدرَ أَهلِ النادي

وَأَراكَ مِن صَدَإِ الحَديدِ كَأَنَّما

نَضَخَت عَلَيكَ رَوادِعٌ بِالجادي

فَجَرى القَضاءُ بِضِدِّ ما أَمَّلتُهُ

فيهِ وَأَرهَفَ حَدَّهُ لِعِنادي

خانَتنِيَ الأَيّامُ فيكَ فَقَرَّبَت

يَومَ الرَدى مِن لَيلَةِ الميلادِ

وَرَمَتنِيَ الأَقدارُ مِنكَ بِلَوعَةٍ

باتَت تَأَجَّجُ في صَميمِ فُؤادي

لَهَفي عَلَيكَ لَو انَّ لَهفاً نافِعٌ

أَو ناقِعٌ حَرَّ الفُؤادِ الصادي

يا لَيتَ أَنَّكَ لي بَقيتَ وَبَينَنا

ما كُنتُ أَشكو مِن جَوىً وَبُعادِ

قَد أَسعَدَتني بَعدَ فَقدِكَ أَدمُعٌ

ذُرُفٌ وَخامَ الصَبرُ عَن إِسعادي

وَعَدِمتُ بَعدَكَ لَذَّةَ الدُنيا فَقَد

أُنسيتُها حَتّى نَسيتُ رُقادي

أَبقَيتَ في كَبِدي عَلَيكَ حَزازَةً

تَبدو لِأَهلِ الحَشرِ يَومَ معادي

فَسَقى ضَريحَكَ كُلُّ دانٍ مُسبلٍ

مُتَواصِلِ الإِبراقِ وَالإِرعادِ

حَتّى تُرى عَرصاتُ قَبرِكَ رَوضَةً

مَوشِيَّةً كَوَشائِعِ الأَبرادِ

فَلَقَد مَضَيتَ وَما كَسَبتَ خَطيئَةً

وَتَرَكتَ دارَ بَليَّةٍ وَفَسادِ

وَسَكَنتَ داراً مُلكُها لَكَ خالِدٌ

وَتَرَكتَ داراً مُلكُها لِنَفادِ