توالى علي اليبس من كل جانب

توالى عليّ اليبس من كلِّ جانبِ

وأقلقني طولُ التفكُّرِ والسهرْ

وأزعجني داعي المنية للبِلى

وأذهلني عما يجلُّ يحتقرْ

وقوّى فؤادي حسنُ ظني بخالقي

وأضعفَ مني قوّةَ السمعِ والبصرْ

وإن مُرادي حيل بيني وبينه

بردِّي كما يُتلى إلى أرذَلِ العمر

فنادى بروحي للبرازخِ والتوى

ينادي بجسمي للمقابرِ والحفَر

فهذا حبيسُ القبرِ في منزل البلى

وهذا حبيس الصورِ في برزخِ الصور

فلو لم أكن بالحق كنتُ مقيداً

ولو لم أكن بالخلقِ كنتُ على خطر

فحقي يحلِّيني بما فيّ من قوى

وخلقي يحلِّيني بما يُوصَفُ البشر

فما أعذبَ الطعم الذي قد طعمته

من العلمِ بالله المريدِ وما أمرْ

كأني طعمتُ التمر في طيباته

وفي العلم ما ذقنا سوى مطعم العشر

فوفيتُ ما قد أوجبَ الله فعله

عليّ بتصريفِ القضاءِ مع القدر

عنايةَ مختارٍ عليمٍ منبأ

وجئتُ كما قد جاء موسى على قدر