هذا المقام وهذه أسراره

هذا المقام وهذه أسرارُه

رُفع الحجاب فأشرقت أنوارُه

وبدا هلالُ التمّ يسطعُ نورُه

للناظرين وزالَ عنه سرارُه

فأنار روضَ القلبِ في ملكوته

وأتتْ بكلِّ حقيقة أشجارُه

عند التنزُّلِ صحَّ ما يختارُه

قلبٌ أحاطت بالردى أستارُه

وبدا النسيمُ ملاعباً أغصانه

فهفت بأسرار العلى أطيارُه

جادتْ على أهل الروائحِ مِنة

منه برّيا طيبها أزهارُه

هام الفؤاد بحبه فتقدّسّتْ

أوصافه وتنزَّهت أفكارُه

وتنزَّل الروحُ الأمين لقلبِه

يومَ العَروبة فانقضَتْ أوطارُه

إنّ الفؤاد مع التنزُّل واقفٌ

ما لم يصح إلى النزيل مطارُه

من كان يشغله التكاثرُ لم يكن

بعثته يومَ ورودِه اكثاره

من فتي لحقيقة يصبر على

لأوائها حتى يرى مقداره

لا كالذي أمسى لذاك منافراً

والمنتمي من لا يخاف نفاره

من يدَّعي أن الحبيب أنيسه

في حاله فدليله استبشارُه

من يدَّعي حكم الكيان فإنه

قد تيمته بحبها أغياره

من كان يزعم أنه من آله

سبحانه فشهوده أذكاره

شهداء من نال الوجود شعاره

أمر يعرّف شرعه ودثاره

وأنينه مما يجنّ وصمته

عنه وعبرة وجده وأواره

ما نال من جعل الشريعةَ جانباً

شيا وَلو بلغ السماء منارُه

الحال إما شاهد أو وارد

تجري على حكم الهوى آثارُه

والناسُ إمّا مؤمن أو جاحدٌ

أو مدَّعٍ ثوبُ النفاقِ شعارُه

المنزل العالي المنيفُ بناؤه

واهٍ متى ما لم تقم عماره

العقل إن جاريتَه في رأيه

فلك على نيل المقامِ مداره

لو كان تسعده النفوسُ وإنما

حجبته عن نيل العلى أوزاره

فإذا أتته عناية من ربِّه

في الحال حَفَّ ببابه زوّارُه

ورأيته لما تخلص روحه

من سجنه أسرى به جباره

وقد امتطى رحبَ اللبانِ مدبراً

يُدعى البُراق فما يُشق غُباره

تهوى به الهُوج الشِّداد فيرتمي

نحو الطِّباقِ وشهبُهنّ شِفاره

ما زال ينزل كل نور لائح

من جانبيه فما يقرّ قرارُه

حتى بدت شمسُ الوجود لقلبه

وبدا لعينِ فؤاده إضماره

وتلاقت الأرواح في ملكوته

فتواصلت ببحاره أنهاره

مدّ اليمين لبيعته مخصوصة

أبدى لها وجه الرضى مختاره

لما بدا حسنُ المقامِ لعِينه

عقدت عليه خلافة أزراره

ثم التوى يطوي الطريق لجسمه

ليلاً حذار أن يبوحَ نهاره

وأتت ركائبه لحضرة ملكه

بودائع يعتادهاأبرارُه

وتوجهت سفراؤه بقضائه

في كلِّ قلبٍ لم يزل يختارُه

وحمت جوانبه سيوف عزائم

منه وطاف ببابه سُمَّارُه

أين الذين تحققوا بصفاته

هذي العداة فأين هم أنصارُه

من يدَّعي حُبَّ الإمام فإنما

قذفت به نحو المنون بحارُه

وسطا على جيش الكيان بصارِمٍ

عَضْبِ المضاربِ لايُفلّ غِرارُه

مَنْ يهتدي أهل النهى بمنارة

ذاك الخليفة تُقتفى أثارُه

إن الذين يبايعونك إنهم

ليبايعون من اعتلَّت أسرارُه

فيمينك الحجر المكرَّم فيهم

يا نصبة خضعت له أخياره

يا بيعة الرضوان دمت سعيدة

حتى تعطَّل للإمام عشاره

إنَّ الديار بلاقع ما لم يكن

صفواً للحبيبين نزيلها ونضاره

المالُ يُصلح كلَّ شيء فاسدٍ

وبه يزول عن الجواد عثارُه