يدل الجزؤ من مضمون كوني

يدل الجزؤ من مضمون كوني

على ما دلَّ كلّي من وجوده

فيشهدني وأشهده بنفسي

فأفنى عن وجودي من شهوده

ولولا أن يقال صبا لأمر

لقلت صدورُنا من عينِ جوده

يراه النائمُ اليقظانُ كشفا

كرؤية ذي التهجد في هجوده

يراه الحائرون بلا دليل

كرؤية ذي المقاصد في قصوده

يراه ناظم المرجان فيه

من أسماء له سلكا بجيده

يراه ناظم الألفاظ بيتاً

هو الروح المؤيد في قصيده

يراه ناظم الأحجار عقدا

وذاك العقد من اسنى عقوده

قرأت بعقده أجيادَ دهرٍ

به أخذ الشهادة في عقوده

له التسبيحُ والفرقان فيه

يميزه ركوعك مع سجودِه

وحاذرْ أن تمازجَ بي ربٍّ

وبين من اصطفاهم من عبيده

يراه مطلقا من كان اعمى

كرؤية ذي البصيرة في قيوده

فذاك الفيلسوف بغير حدٍّ

وهذا الأشعريّ على حدوده

وكلهم رهين الحبس فيه

بجعلِ العقلِ ذلك من صيوده

على الإنصاف آمنهم شخيص

طليقٌ ليس يرسفُ في قيوده

وهم أجنادُه وظهور ملك

مطاع إنما هو من جنودِه

بذا سعدوا وحازوا الأمن منه

وإن تعبوا المال إلى سعوده

لذا سبقت إلى الغايات رحمتي

وحازتها بمنزلتي سعوده

فحلتْ في الجنان وفي جحيم

وإن كانا لنا داري خلوده

فاخبئه ليستر في جحيمٍ

من الآلام أنسى من جحوده

فلو لزموا الحقائقَ لم يكونوا

كمنكر ما رآه لذي وروده

تجلّى للبصائر من بعيد

تجليه كمن هو في وريده

وأطلعه على ما كان منه

من الشكر العميم على مزيده

تراه عند وصل العين منه

بذاتك مثل فصلك في شروده

فلا تطلب من الرحمن عهداً

فيسألك المهيمن عن عهوده

وسالمه تكن عبدا سؤوساً

وتظفر بالزيادة في شهوده