مستوقفي بين ذل الصد والملل

مستوقفي بين ذل الصد والملل

لاحظ لي منك إلا لذة الأمل

أرضي بطيفك بل أرضى بذكرك أن

يتدلى وذاكري مقرونين في الغزل

لا ترحلن فما أبقيت من جلدي

ما أستطيع به توديع مرتحل

ولا من الغمض ما أقري الخيال به

ولا من الدمع ما أبكي على طلل

نعم لي العزمة الغراء إن وجدت

لم تحتفل بوجيف الخيل والإبل

تحوي مرادي على رغم العواذل من

رب الأكاليل لا من ربه الكلل

قد زدت يا ليلة التوديع في حزني

ولم تزل يا صباح الوصل في جذل

وأنت يا جسداً لج القضاء به

حتى برته يدُ الأوجاع والعلل

كيف احتملت الضنا في الظاعنين ضحى

وكنت للشوق فيهم غير محتمل

عجبت أن يحل السقم في بدن

لو شاء جاز الردى سراً من الأجل

لم يبق منه سوى قلب يقلبه

في ملطب العز بين البيض والأسل

مقسم قلبه في كل مرحلةٍ

شوقاً إلى العز لا شوقاً إلى الغزل

نفسي الفداء إذا ما الروع صبحني

للأعين الخزر لا للأعين النجل

لله جسمي فما أبقى حشاشته

على الحوادث والأسقام والوجل

يعدو سقامي على مثل الخيل ضنى

ويقرع الخطب مني صفحة الجبل

ولا يرى في فراشي عائدي شبحاً

ويحمل الدرع مسلوباً عن البطل

أنا المقيم وأشعاري على سفرٍ

كادت تؤلف أعلاماً على السبل

سارت شوارد أوصاف الوزير بها

سير الجنوب بصوب العارض الهطل

يروي القريض ولما يسم قائله

فيشهد المجد أن المدح فيه ولي

إذا سهرت لتحبير المديح له

راسلت طبعي ومن إحسانه رسلي

ما بعده لشذور القول مدخرٌ

في مقلة الريم أعلى بغية الكحل

وما به حاجةٌ في المدح تنظمه

الشمس تكبر عن حلي وعن حللِ

لكنه ملكُ هامت عزائمه

بالجود فهو يروم البذل بالحيل

ما قال لا قط مذ حلت تمائمه

بخلاً به فوجدنا الجود في البخل

أولى الملوك بتدبير الممالك من

يغني ويقني ولم يورث ولم يسلِ

ومن يبيت من الأيام في خجلٍ

إن لم يبت والليالي منه في وجل

ومن يطبقُ وجه الأرض عسكره

يوم القراع ويلقى القرن في الفضل

ومن يقود الأسود السود بالوعل

ومن يصيد البزاة الشهب بالحجل

ومن يهم فلا يغزو سوى ملكٍ

ولا يفرق غير الملك في النقل

يا راحلاً عنه إن البحر معترضٌ

فما ورودك ظمآناً على وشل

لا تترك السيف مشحوذاً مضاربه

وتطلب النصر عند الجفن والخلل

قد وقر الدهر بالتدبير هيبته

وأرجف الأرض بالغارات والغيل

تجري الجياد من القتلى على جبلٍ

ومن دمائهم يرحضن في وحل

ومن جماجمهم يصعدن في نشزٍ

ومن ذوائبهم يقمصن في شكل

تحملت صهوةٌ أخرى شواكلها

من طول ما حملت سبياً على الكفل

قومٌ إذا ابتدروا يوم الوغى فرقاً

تكاد تعثر أخرهم على الأول

قومٌ أعفاء عن غير العدو فلو

غزون بالبحر لم يعلقن بالبلل

إن التحكم في الدنيا بأجمعها

لمفرد الرأي أمرٌ ليس بالجلل

يا من دعته ملوك الأرض راعيها

حاشا لما أنت راعيه من الخلل

إن الملوك على أيامنا مقلٌ

فاخلق برأيك أجفاناً على المقل