رأيت في النوم أبا مرة

رَأَيتُ في النّومِ أبا مُرَّة

وَهَوَ حَزينُ القَلْبِ لي مَرَّه

وَعَيْنُه العوراءُ مَقروحة

تَقطُرُ دَمعاً قَطرةً قَطْرة

يَصيحُ وا ويلاهُ منْ حَسرتي

تِلكَ التي ما مِثلُها حَسْرَه

وَحَولَهُ منْ رَهْطهِ عُصبة

فيهِمْ على قِلَتهمْ كَثْرَه

مِن كل عِلْقٍ مثل بدر الدجى

قيَمتُهُ في واحدٍ بَدْرَه

مُظَفرُ اللّحْظِ بِعُشّاقه

وإنمّا في جَفْنِهِ كَسْرَه

شمسُ ضحى غصن نقاقدُه

وظله من خلفه الشِّعره

تَجميشُهُ نَقْلٌ لمن ضَمَهُ

وَجَوَنَ التَيَنَةَ بالتّمْرَه

يَهونُ وَزنُ المالِ في وَصله

طالِعُهُ الميزانُ والزُّهرَه

وَمِن سَحورِ العينِ فَتَانهٍ

خَودٍ لهَا شمسُ الضُّحى ضُرّه

وَكل خَمّارٍ وفي كفهِ

كأسٌ على عاتقهِ جرَّه

وَمِن حَشيشيٍ سطيلٍ على

شاربهِ قد بَقَلَتْ خُضره

وَمن نبي حامٍ لَهُ مزرةٌ

صفّى لَهُ صاحِبهُ المزرَه

وَكُلُّ بَغّاء به أبنةٌ

مُبادِلٌ أبغى من الابره

وكلّ جَلاَد على خَلوةٍ

عميرةً هاجَتْ بهِ عُمره

ومِن خياليَ وَمِنْ مطرب

وزامرٍ قد جاءَ في الزُّمره

فَقُلتُ يا إبليسُ ماذا الذي

أسالَ من مُقْلَتِكَ العَبرَه

وما الذي أزعج أشياعك النو

كى وإن كانوا ذَوي شِرَه

فقال يا مانيُّ أَنت الذي

وقعتَ في أخت ما أكره

قلّتْ جيوشي وَوَهى منصبي

وَعُدْتُ لا أَمرَ ولا إمره

وأَصبحَ الخّمارُ لا يكتفي

في بيته كوزاً ولا جَرَّه

وَمَنزِلُ المزّارِ صفرٌ وقد

عَلَتْهُ من ذُلّتهِ صُفرَه

وَباتَ قَلي النارِ في حسرة

وَقَلبُه يُقلى على جَمْرَه

وكاد أن يسطو الحشيشي وأن

يخرجَ بالخنْجَر والشّفْره

وسائرُ السّتّاتِ من

أَكثرهنَّ اليوم في الحُجْرَه

يَطْلُبنَ أَزواجاً فلا

منهُن إلاّ أَصبَحَتْ حُرَّه

وَكُل ساكوس قمارِ وقد

أجادَ بالعفقِ بها مهره

كم جهد ما أَعوي وعوي وكم

أُصَفِّفُ المقصوصَ والطُّرَه

وَكم أرى العينينِ مكحولةً

لمَنْ رُمي بالعين والنظره

وَكمْ وَكمْ أسهرُ في خدمة ال

عُشّاقِ في الليلِ إلى بُكْرَه

قَد كسدَتْ سوقُ المعاصي فلا

شُرْبَ ولا قَصْفَ ولا عشرَه

هذا على أنَي من غيّتي

أقودُ لا آجرَ ولا أُجَره

فقُلتُ يا إبليسُ سافرْ بنا

وَطَوِّل الغَيبَةَ والسّفْرَه

إياك أن تَسُكُنَ مصراً وأن

تقرَبَها إنْ كنْتَ ذا خبرَه

فإنَّ فيها صاحباً عادلاً

مباركَ الطلعة والغُرّه

قد عَلمَ السلطانُ من نُصحه

لملكه ما شاعَ بالشّهرَه

جزاءُ مَنْ خالفَ مرسومَهُ

تجريسُه والضّربُ بالدره