أخلق الدهر بقاء واستجد

أَخلِقِ الدَّهْرَ بَقاءً واسْتَجِدّ

عُمُراً يَفْضُلُ عن عُمْرِ الأَبَدْ

والْبَسِ المَجْدَ حُلىً بَعْدَ حُلىً

واعْتَوِزهُ أَمَداً بعدَ أَمَدْ

وابلُغِ الغاياتِ مغبوطاً بِهَا

فِي ضمانِ الله بُقْيا واسْتَزِدْ

وإِذا سَرَّكَ صُنْعٌ فَلْيَدُمْ

وإِذا وافاكَ عيدٌ فَلْيَعُدْ

وإِذا جاءَكَ يومٌ بالمُنى

فَاقْتَبِلْ أَضعافَها فِي يومِ غَدْ

نِعَمٌ تَثْرى وَجَدٌّ يَعْتلِي

وعُلا تَبْأَى وفَتْحٌ يُسْتَجَدْ

واهدِمِ الكُفْرَ وغَيّر مُلْكَهُ

وابْنِ أَعلامَ الهُدى عِزّاً وشِدْ

والبَسِ الصبرَ إِلَى أَرْضِ العِدى

وقُدِ النصرَ إِلَيْهِ واسْتَمِدْ

واخسِفِ الشِّرْكَ بعزمٍ يُنْتَضى

سَيْفُهُ عن قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدْ

وَجَدَ الخيلَ تَثَنَّى مَرَحاً

فَهَدَاهَا لمدى الشَّأْوِ المُجِدْ

ودَعَا السُّمْرَ فوافَتْ شُرَّعاً

وظُبى الهِنْدِ فجاءَتْ تَتَّقِدْ

فكأَنْ مَا كَانَ للرُّمْحِ شَباً

قبلَهُ يوماً ولا للسَّيْفِ حَدْ

فَرَمى عن قوسِ بأْسٍ صادِقٍ

وَسَطَا بساعِدِ الدينِ الأَشَدْ

رُبَّ أَرضٍ بِغِرَارَيْ سَيْفِهِ

وُحِّدَ الرحمنُ فِيهَا وعُبِدْ

وبلادٍ للعِدى من ذُعْرِهِ

عُدِمَ الإِشراكُ فِيهَا وفُقِدْ

فانْتحى للكُفْرِ حَتَّى لَمْ يَجِدْ

واقتفى آثارَهُ حَتَّى هَمَدْ

جابَ عنه الأَرضَ حَتَّى جُمِعُوا

فِي أَقاصِيها عَلَى أَدْنَى العَدَدْ

وعفا أَعلامَهُمْ حَتَّى لقد

كادَ أَنْ يَخْفَى لَهُمْ يَوْمُ الأَحَدْ

هِمَمٌ غاياتُها لا تَنْتَهِي

عَزَمَاتٌ شأَوُها لا يَتَّئِدْ

لِعَزِيزٍ نصرُهُ حَيْثُ انْتَوى

وعَلِيٍّ كعبُهُ حَيْثُ قَصَدْ

مُنْتَقى الآباءِ من ذي يَمَنٍ

ماجِدِ الأَحوالِ فِي عُلْيا مَعَدْ

منهمُ الأَقيالُ والصِّيدُ الأُلى

طَرَفَ المُلْكُ لَهُمْ ثُمَّ تَلَدْ

ولهمْ مُفْتَخَرُ الجودِ الَّذِي

وَلَدَتْهُ طَيِّئٌ بِنْتُ أُدَدْ

وهمُ المغفورُ فِي بَدْرٍ لَهُمْ

وهم الأَبرارُ فِي يومِ أُحُدْ

وهمُ حُرَّاسُ نفسِ المصطفى

حينَ نامَ الجيشُ عنهُ وهَجَدْ

وهُمُ أَندى وأَعطى من قَرى

وهُمُ أَرْضى وأَزكى من شَهِدْ

وهنيئاً لَكَ يَا مَوْلى الوَرى

ولداً أَنْجَبْتَهُ وَمَا وَلَدْ

قَمَرٌ أَشرقَ فِي أُفقِ العُلا

فأَضاءَ الدهرُ منه وسَعِدْ

وحَياً أَغْدَقَ إِلّا أَنَّهُ

بَرَقَ الإِقدامُ منهُ وَرَعَدْ

فَهْوَ لِلإِسلامِ غَيْثٌ صائِبٌ

وَعَلَى الإِشراكِ شُؤْبُوبُ بَرَدْ

مَنْ رَسولي نَحوَهُ يُخْبِرُهُ

بالذي فِيهِ يَقِيني يَعْتَقِدْ

دونَكَ السُّؤْدُدَ مَوْفُوراً فَسُدْ

وجنودَ الدينِ والدنيا فَقُدْ

أَيَّ مجدٍ لَمْ تَحُزْهُ عن أَبٍ

وفَخارٍ لَمْ يَحُزْهُ لَكَ جَدْ

أَسمعُوهُ رغبةً من راغِبٍ

ويَدِي رهنٌ لكُمْ إِن لَمْ يَجُدْ

وأَروهُ فارساً مستلْئِماً

وأَنا كَذَّابُكُمْ إِن لَمْ يَشدْ

هَدِّئوهُ بالعوالي والظُّبى

وبأَبطالِ الكُماةِ تَجْتَلِدْ

جاءَتِ الأَعيادُ تستقبلُهُ

للأَمانِي والسُّرورِ المُسْتَجِدْ

فَهَنا الإِسلامَ منه عُدَّةٌ

للهُدى والدينِ من أَسْنى العُدَدْ

حَضَرُوا الإِذْنَ الَّذِي عَوَّدْتَهُمْ

كظِماءِ الطَّيْرِ أَسراباً تَرِدْ

فَدَنَوْا واستوقَفَتْهُمْ هَيْبَةٌ

ملأَتْهُمْ من سُرورٍ وزُؤُدْ

فتوانَوا بقلوبٍ لم تَرِمْ

ثُمَّ أَدنَتْهُمْ جسومٌ لَمْ تَكَدْ

ثُمَّ أَمُّوا الراحَةَ العُلْيا الَّتِي

عَمَّتِ الدُّنيا أَماناً وَصَفَدْ

يستضيئونَ بشمسٍ طَلْقَةٍ

ويُهالُونَ بإِقدامِ أَسَدْ

فَهَناهُمْ ثُمَّ لا زالَ الورى

منكَ فِي أَثوابِ آمالٍ جُدُدْ