أخو ظمأ يمص حشاه سبع

أَخُو ظَمَأٍ يَمُصُّ حَشاهُ سَبْعٌ

وأَرْبَعَةٌ وكُلُّهُمُ ظِماءُ

كَأَنْجُمِ يوسُفٍ عَدَداً ولكِنْ

بِرؤْيَا هَذِهِ بَرِحَ الخَفاءُ

خطوبٌ خاطَبَتْهُمْ من دَوَاهٍ

يموتُ الحزمُ فِيهَا والدَّهاءُ

تراءَتْ بالكواكِبِ وَهْيَ ظُهْرٌ

وآذَنَ فِيهِ بالشَّمْسِ العِشاءُ

فَهَلْ نَظَرِي تَخَفَّى أَوْ بِصَدْرِي

وضاقَ البَحْرُ عَنْها والفَضَاءُ

وكُلُّهُمُ كَيُوسُفَ إِذْ فَدَاهُ

مِنَ القَتْلِ التَّغَرُّبُ والجَلاءُ

وإِنْ سجنٌ حواهُ فكَمْ حواهم

سجونُ الفُلْكِ والقفرُ القَواءُ

وأيَّةُ أُسوةٍ فِي الحسنِ منهُ

لإِحسانِي إِذَا ارْتُخِصَ الشِّراءُ

وَفِي باكيهِ من بُعدٍ وصدري

وأَجفانِي بِمَنْ أبكي مِلاءُ

وأَوْحَشُ من غروبِ الشمس يوماً

كسوفٌ فِي سَناها وامِّحاءُ

وأَفلاذُ الفؤادِ أَمَضُّ قَرْحاً

إِذَا رَمَتِ العيونَ بما تُساءُ

فما كسرورِهِمْ فِي الدهر حُزْنٌ

ولا كشِفائِهم فِي الصدْرِ داءُ

نَقَائِذُ فتنةٍ وخُلوفُ ذُلٍّ

أَلَذُّ من البقاءِ بِهِ الفَناءُ

فإِن أَقْوَتْ مغاني العِزِّ منهمْ

فكم عَمِرَتْ بِهِم بِيدٌ خلاءُ

وإِنْ ضاقَتْ بِهِم أَرضٌ فأَرضٌ

فما بَكَّتْ لمثلِهِمُ السَّماءُ

وإِنْ نَسِيَ الرَّدى منهم ذَماءً

فأَعْذَرَ زاهِقٌ عنه الذَّماءُ

فكَمْ تركوا معاهِدَ مُوحشاتٍ

عَفَتْ حَتَّى عفا فِيهَا العفاءُ

فأَظْلَمَ بعدَنا الإِصباحُ فِيهَا

وكم دهرٍ أَضاءَ بِهَا المساءُ

وجَدَّ بِهَا البِلى فحكتْ وجُوهاً

نأَتْ عنها فَجَدَّ بِهَا البَلاءُ

وَهَوْنُ هَوَانِها فِي كلِّ عَيْنٍ

جديرٌ أن يعِزَّ لَهُ العزاءُ

بَسَطْنَ لكلِّ مقبوضٍ يداهُ

فما فِيهِنَّ غيرُ الدَّمْعِ ماءُ

شُموسٌ غالها ذُعْرٌ وبَيْنٌ

فهُنَّ لكلِّ ضاحيةٍ هَباءُ

وكم لبسُوا من النُّعمى بُروداً

جلاها عن جسومِهِمُ الجلاءُ

مَلابِسُ بامة لَمْ يَبْقَ منها

لهم إِلّا ابْنُ يَحْيى والحياءُ

فإِنْ كشفوا لَهُم منه غطاءً

ففيهِ وفيكَ لي ولهم غِطاءُ

شفيعٌ صادِقٌ منه الوفاءُ

ومولىً صادقٌ فِيهِ الرَّجاءُ

وإِنْ دَجَتِ الخُطوبُ بِهِم عَلَيْهِ

فأَنْتَ لكُلِّ داجيةٍ ضِياءُ

وإِنْ طَوَتِ الرَّزايا من سَناهُمْ

فلحظُكَ منه يتَّضِحُ الخَفاءُ

وإِنْ أَخفى نِداءهُم التَّنائِي

فسمعُكَ منه يُستمعُ النِّداءُ

وإِنْ وَرَدُوا قليبَ الجود عُطْلاً

فأَنت الدَّلْوُ فِيهَا والرِّشاءُ

وَقَدْ شاءَ الإِلَهُ بأَنَّ أندى

بحارِ الأَرضِ يَسقي من تشاءُ

فَنَبِّهْ فادِيَ الأَسْرى عَلَيْهِمْ

نفوسُهُمُ لَهُ ولَكَ الفِداءُ

غصونٌ عندَ بحرِ نداهُ أَوْفَتْ

بِهَا كَحْلٌ وَقَدْ شَذَبَ اللِّحاءُ

وآواها الرَّبيعُ وكلَّ حين

يعيثُ القيظُ فِيهَا والشتاءُ

وجاوَرَتِ الصَّبا فَغَدَتْ وأَمْسَتْ

تُجَرْجِرُ فِي حَشاها الجِرْبِياءُ

رَمَتْ بِهِمُ الحوادثُ نحوَ مولىً

حواها الرِّقُّ منه والولاءُ

وقادَهُمُ الكتابُ إِلَى مليكٍ

تقاضاهُمْ ليمناه القضاءُ

فكم عسفوا إِلَيْهِ لُجَّ بحرٍ

تَلاقَى الماءُ فِيهِ والسَّماءُ

وجابوا نحوَهُ من لُجِّ قفرٍ

يجاوبُ جِنَّهُ فِيهِ الحُداءُ

وكم ناجَتْ نفوسَهُمُ المنايا

فَلأْياً مَا نجا بِهِم النَّجاءُ

وكم بارَوْا هُوِيَّ النجْم تهوي

بِهِم فِي البِيدِ أَفئدةٌ هواءُ

وكمْ صَحِبُوا نُجُومَ اللَّيْلِ حَتَّى

جَلاها فِي عُيُونِهِمُ الضَّحَاءُ

وَرَاعَوْها وَمَا ليَ غَيْرُ جَفْني

وأَجْفانِي لِسِرْبِهِمُ رِعاءُ

هُدىً لَهُمُ إِلَى الآفاقِ حَتَّى

سَرَتْ وَلَهَا بِسَيْرِهِمُ اهْتِداءُ

فما ظَفِرُوا بِمِثْلِكَ نَجْمَ سَعْدٍ

بِهِ لَهُمُ إِلَى الأَمَلِ انْتِهاءُ

ولكِنْ عَدَّلُوا مِنْها حِساباً

لَهُ فِيما دَعَوْكَ لَهُ قَضاءُ

كما زَجَرُوا مِن اسْمِ أَبِيكَ فَأْلاً

فَرُدَّتْ فِيهِ قَبْلَ الزَّايِ رَاءُ

وخَوَّلَ فَأْلُهُمْ بِكَ فَانْتَحاهمْ

بِهِ أُكُلٌ وظِلٌّ واجْتِنَاءُ

فَذَكِّرْ وَادَّكِرْ جِيرانَ بَيْتٍ

بِبَيْتٍ فِيهِ للكَرَمِ اقْتِداءُ

وفيهِ للنُّهى حَكَمٌ وحُكْمٌ

وللنُّعمى قضاءٌ واقْتِضاءُ

إِذَا نَزلَ الشتاءُ بِجارِ بَيْتٍ

تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشِّتاءُ