أعيا شفاء الهم إن لم تشفه

أَعْيا شفاءُ الهمِّ إِن لَمْ تَشْفِهِ

وعتا مُلِمُّ الخطبِ إِن لَمْ تكْفِهِ

وبكَ استبانَ الصُّبْحَ طارِقُ لَيْلِهِ

والْتَذَّ طَعْمَ الأَمْنِ خائِفُ حَتْفِهِ

ولَرُبَّ خَطْبٍ لَمْ تَضِقْ ذَرْعاً بِهِ

ويضيقُ ذرعُ الواصفينَ بوصْفِهِ

لَمْ تَلْقَكَ الضَّرَّاءُ نابيَ حَدِّهِ

كَلّا ولا السَّرَّاءُ ثانِيَ عِطْفِهِ

نِعْمَ المُقَدِّرُ للأُمورِ بِرِفْقِهِ

رَكِبَ الزمانَ وَمَا اشتكى من عُنْفِهِ

رَحُبَتْ حدائِقُهُ لِمَرْتَعِ مُخْصِبٍ

وصَفَتْ مشارِبُهُ لِمَوْرِدِ مُرْفِهِ

مُستكمِلُ الإِنعامِ قبلَ أَوانِهِ

مثلَ الهِلالِ تمامُهُ فِي نِصْفِهِ

مُغْرى اليدَيْنِ بِضِعْفِ مَا رَجَتِ المُنى

بَدْءاً وأَجدِرْ أَنْ يَعُودَ بِضِعْفِهِ

ومُسَرْبَلٌ من حِلْمِهِ وذكائِهِ

حُلَلاً مُطَرَّزَةً ببِارِعِ ظَرْفِهِ

شِيَمٌ سقاني صَفْوَها فَسَقَيْتُهُ

مَا شاءَ من صَفْوِ الوِدادِ وصِرْفِهِ

فَتَرَكْتَ صَدْرَ المَجْدِ لابِسَ عِقْدِهِ

مِنِّي وجِيدُ الجودِ مُسْبِلَ شَنْفِهِ

والأَرْضُ آذِنَةٌ لِصَوْتِ ثَنائِها

من هاتِفٍ تُصْغِي البلادُ لِهَتْفِهِ

فَلَيَأْتِيَنَّكَ شُكْرُ من لَمْ تُولِهِ

عَنِّي وصَفْوُ ثناءِ من لَمْ تُصْفِهِ

من كَلِّ موصولِ الغرامِ بقَلْبِهِ

أَسَفاً لِبُعْدِي والسُّهادِ بِطَرْفِهِ

ومُغَرَّبٍ تبكي السَّماءُ لِشَجْوِهِ

مِنِّي وتَلْتَهِفُ النجومُ لِلَهْفِهِ

لولا قَضاءُ فِراقِهِ وطَلبتَهُ

فِي غيرِ جَفْنِي ماثِلاً لَمْ تُلْفِهِ

أَبُنَيَّ لاحَ الفجرُ إِذْ بَلَغَ الدُّجى

أَمَداً فَسَلِّ الهَمَّ إِنْ لَمْ تَشْفِهِ

وتَرَكْتُ غَوْلَ البَرِّ مُعْدِمَ أُنْسِهِ

مِنِّي وهَوْلَ البحرِ فاقدَ إِلْفِهِ

هَذَا عَلَى خَفْقِ الشِّرَاعِ وقَلْسِهِ

حُرُمٌ وذاكَ عَلَى البعيرِ وخُفِّهِ

وقَصَرْتُ لَيْلِي بالسُّرورِ مُنَفِّساً

من طُولِ لَيْلِ النَّاجِياتِ وعَسْفِهِ

بالحاجِبِ الأَعْلى المُجِيرِ لِهِمَّتِي

حَتَّى أُجِرْتُ من الزَّمانِ وصَرْفِهِ

مَلِكٌ يُلاقِي العِلْمَ راضِيَ سَعْيِهِ

فَيَرُدُّ عنهُ الجهلَ راغِمَ أَنْفِهِ

وإِذا تَأَلَّقَ بارِقٌ من سَيْفِه

فِي الرَّوْعِ أَشْفَقَتِ الرُّبى من خطفِهِ

أَو لاحَ فِي رَهَجٍ شِهابُ سِنانِهِ

نَذِرَتْ شياطينُ الضَّلالِ بِقَذْفِهِ

قادَ الجيادَ إِلَى الجهادِ وَحَفَّنِي

بِنَدى يَدَيْهِ تَحْتَ ظِلَّيْ سَجْفِهِ

بوزيرِهِ الغادِي إِلَيَّ بِبِرِّهِ

وأَمِينِهِ الحاني عَلَيَّ بعَطْفِهِ

أَظلَمْتُ فاسْتَوْقَدْتُ نورَ جبينِهِ

وظمئْتُ فاسْتَسْقَيْتُ وابِلَ كَفِّهِ

وبِهِ جزيْتُ النائباتِ بصاعِها

صاعاً وسُمْتُ الدَّهْرَ خُطَّةَ خَسْفِهِ

فإِذا أَحِلُّ ففي مُضاعَفِ بِرِّهِ

أَوْ أَسْتَقِلُّ ففي مُضاعَفِ زَغْفِهِ

ولْيعلمِ الأَقرانُ حينَ تدِبُّ لي

تَحْتَ الوغى أَنِّي لَحِقْتُ بِصَفِّهِ

ولئِنْ نَهَدْتُ إِلَيْهِمُ فَبِسَيْفِهِ

ولئِنْ كَرَرْتُ عَلَيْهِمُ فَبِطَرْفِهِ

كَرَماً بِفِطْرَةِ هِمَّةٍ وسِيادَةٍ

أَغْلَيْتُ فِي تِبْرِ الثَّناءِ بِصَرْفِهِ

ونَدىً هَدَيْتُ المنعِمينَ سَبيلَهُ

سَبْقاً وأَقْرَأْتُ الكِرامَ بِحَرْفِهِ

فاسْمَعْ فقد أَهديتُها لَكَ غادَةً

تُلْهيكَ عن لَثْمِ الحبيبِ وَرَشْفِهِ

جاءَتْكَ تزجُرُ طَيْرَ واجِبِ مَهْرِها

فِي نسبةٍ لك كُرِّمَتْ عن خُلْفِهِ

أَنِسَتْ بِبُرْءِ الهَمِّ فِي اسْمِكَ بعدَما

كَسَفَتْ سَنا بَدْرِي دياجي كِسْفِهِ

بِكْراً تَحَلَّتْ جَوْهَرَ الشُّكْرِ الَّذِي

أَنتَ الوَفيُّ بحَقِّهِ فاسْتَوْفِهِ

فَلَيَنْجُمَنَّ على النُّجومِ بِحُسْنِهِ

ولَيَعْرِفْنَّ الجوُّ نَفْحَةَ عَرْفِهِ

ولَيُزْهَيَنَّ عَلَى الغمامِ نَفاسَةً

مَن صادَ مِثْلي فِي حَبائِلِ عُرْفِهِ