أهلا بمن قهر الملوك ومرحبا

أَهلاً بِمَنْ قَهَرَ الملوكَ وَمَرْحَبا

وأَعَزِّ مَنْ حُلَّتْ لِرُؤْيَتِهِ الحُبى

وبحاجِبِ الشَّمْسِ الَّذِي حَجَبَ الأَسى

عنَّا وحاشَ لِجُودِهِ أَنْ تُحَجَبا

وَالمُسْتَطارِ لسَيْفِهِ فِرَقُ العِدى

فَرَقاً فكانَ هُوَ السَّنا وَهُمُ الْهَبا

مَلِكٌ نماهُ المُلْكُ يَتْبَعُ تُبَّعاً

فِيهِ ويُعرِبُ عَنْ مآثِرِ يَعْرُبا

قادَ الجنودَ مُكاثِراً بِرِماحِها

شُهُبَ الدُّجى وبأُسْدِها عَدَدَ الدَّبا

وسَما فَعادى بَيْنَ آفاقِ الْعدى

خَسَفَ الدَّبُورِ وكَرَّ يَعْتَامُ الصَّبا

بكَتائِبٍ تَرَكَتْ سَنا شَمْسِ الضُّحى

طَرْفاً سَجا للنَّوْمِ أَوْ بَرْقاً حَبا

تَبْني عَلَى الآفاقِ مِنْ جَعْدِ الثَّرى

فَلَكاً بِزُرْقِ السَّمْهَرِيّ مُكَوْكَبا

فِي هِمَّةٍ أَوْرَتْ زِنادَ وقَائِعٍ

غادَرْنَ رأْسَ الدَّهْرِ أَشْعَثَ أَشْيَبا

حَتَّى تَجَلَّى فِي عَجَاجَةِ أَوْبَةٍ

آبَتْ إِلَى الدُّنْيا بأَيَّامِ الصِّبا

من بَعْدِ مَا وَصَلَ الأَصائِلَ بالضُّحى

تَحْتَ العوالي مُسْئِداً وَمؤَوِّبا

حَتَّى تَوَهَّمَهُ الدُّجى بَدْرَ الدُّجى

يَسْرِي أَوِ ابْناً لِلْكَواكِبِ أَوْ أَبا

شَبَهاً بِهِ ناسَبْتَها مُتَعالِياً

ومُحَلِّقاً ومُشَرِّقاً ومُغَرِّبا

بِعَزَائِمٍ كَلَّفْتَها أَعلى العُلا

فتسابَقَتْ شَأْواً إِلَيْهِ مُغَرِّبا

مُسْتَحْيِيَاتٍ أَنْ يُعَرِّجَ لَحْظُها

لِقُبْولِ مَا أَدْنى الزمانُ وقَرَّبا

لا يَرْكَبُ المُلْكَ الذَّلُولَ رِكابُهُ

حَتَّى يُذِلَّ لَهُ الزمانَ المُصْعَبا

حَتَّى يَنالَ العِزَّ أَعْلى مُرْتَقَىً

ويفُوزَ بالآمالِ أَبْعَدَ مَطْلَبا

جاوَزْنَ بالخَيْلِ المَدى بَعْدَ المَدى

وأَطَلْنَ إِظْماءَ الأَسِنَّةِ والظُّبى

ما أَوْرَدَتْها من عُدَاتِكَ مَنْهَلاً

إِلّا ابْتَدَرْنَ أَمامَ ذَلِكَ مَشْرَبا

يطلُبْنَ فِي الأَفْلاكِ شاهِقَةَ العُلا

ويَدَعْنَ للأَوْعالِ شامِخَةَ الرُّبى

مُتَكَرِّماتٍ أَن يُناطِحَ كَبْكَباً

من كَانَ فِي فَلَكِ المعالِي كوْكبا

هَلْ مَنْ يُسامِيهِ وأَقْرَبُ مَا يُرى

مِنَّا إِذَا كَانَ الغَمامُ الصيِّبا

عُذْنا بِهِ مَنْ لا تَعَوَّذَ مَرْقَباً

مِنْهُ فأَصْبَحَ فِي ذَرَاهُ مَرْقَبا

فَابْشِرْ فما عَصَفَتْ رِياحُكَ حُسَّراً

فِيهِ ولا بَرَقَتْ سَحابُكَ خُلَّبا

وانظُرْ فإِنَّ عزيمَةً أَلقَحْتَها

بالنَّصْرِ قَدْ أَرْأَتْ بِفَتْحٍ مُقْرِبا

واعْلَمْ بأَنَّ أَسيرَ مُلْكِكَ مُوثَقاً

مَنْ لا يَرى فِي الأَرْضِ دُونَكَ مَهْرَبا

ولئِنْ حَمى منك الزَّمانُ مَكامِناً

فَبِهَا يَتُوبُ إِلَيْكَ مِمَّا أَذْنَبَا

وَغَداً يَجِيئُكَ مُنْشِداً مُتَذَمِّماً

لَيْسَ المُسِيءُ إِلَيْكَ عَبْداً أَعْتَبا

ولئِنْ دنا أَمَدٌ فلا عَزْمٌ رَنى

ولَئِنْ نبا قَدَرٌ فلا سَيْفٌ نَبا

واللهُ مُختارُ القَضاءِ وإِنْ أبى

فَعَسى لِخَيْرٍ مَا تَعَجَّلَ أَوْ أَبى

ولَكَمْ أَرَاكَ النَّصْرَ لَمْحاً باصِراً

ولَعَلَّ أَعْظَمَ منهُ فِيما غَيَّبا

رَبّاً بنصرِكَ عائداً ومُوَالِياً

ولِطُولِ عُمْرِكَ واهِباً مُسْتَوْهَبا

وكَفى بِمَنْ آوى إِلَيْكَ مُشَرَّداً

قَلِقَ الرَّكائِبِ فِي البِلادِ مُغَرَّبَا

حَتَّى يَرى البُؤْسى غُرَاباً أَعْصَماً

بَنَدَاكَ والضَّرَّاءَ عَنْقا مُغْرِبا