إليك منك فرار الخائف الوجل

إِلَيْكَ منكَ فرارُ الخائِفِ الوَجِلِ

وَفِي يَديكَ أَمانُ الفارِسِ البَطَلِ

تقابَلَتْ نحوَكَ الآفاقُ واجْتَمَعَتْ

عَلَى يمينِكَ شَتَّى الطُّرْقِ والسُّبُلِ

ويَمَّمَتْكَ ملوكُ الأَرضِ مُعْمِلَةً

إِلَيْكَ نَصَّ نجاءِ الخيلِ والإِبلِ

فالبَرُّ والبحرُ مِنْ آتِيكَ فِي شُغُلٍ

والشَّرْقُ والغربُ من راجِيكَ فِي جَذَلِ

قَدْ ساعَدَتْكَ نجومُ السَّعْدِ طالِعةً

فاسْعَدُ وأُعْطِيتَ غاياتِ المُنى فَسَلِ

وأَسْلَمَتْ لكَ أَملاكُ البلادِ مَعاً

أَعِنَّةَ المُلْكِ والأَيامِ والدُّوَلِ

وفازَ قِدْحُكَ إِذ قارَعْتَ أَرْؤُسَها

بطاعَةِ الدهرِ والأَديانِ والمِلَلِ

وَقَدْ تَيَمَّمَ شَنْجٌ منكَ عائِدَةً

تُجِيرُهُ من سيوفِ الكَرْبِ والوَهَلِ

وقادَ نحوَكَ والتَّوْفِيقُ يَقْدُمُهُ

جيشاً من الذُّلِّ مِلْءَ السهل والجبلِ

مستعْطِفاً لحياةٍ جَلَّ مَطْلَبُها

عن مُبْلِغِ الكُتْبِ أَوْ مُسْتَعْطِفِ الرُّسُلِ

مستخذياً لسيوفِ النصرِ حين أَبَتْ

من دينِ طاعَتَهِ قولاً بلا عَمَلِ

خلَّى الكتائِبَ قَسْراً والظُّبى وغَدا

عن الأَحِبَّةِ والأَشياعِ فِي شُغُلِ

مُذِلَّ صفحَةِ عانٍ جَلَّ مطلَبُهُ

داعٍ إِلَى صَفْحِكَ المأْمولِ مُبْتَهِلِ

في شِيعَةٍ مَلأَتْ ذُلّاً قُلُوبَهُمُ

نُهُوجُ سُبْلٍ إِلَيْها لِلْقَنَا ذُلُلِ

مُحَكِّمِينَ يسوقونَ النفوسَ إِلَى

إِنفاذِ حُكْمِكَ سَوْقَ السَّبْيِ والنَّفَلِ

مُسْتَبْشِرِينَ بِما أَحْيَيْتَ من أَمَلٍ

مُستَسْلِمِينَ لما أَمضَيْتَ من أَجَلِ

خاضُوا إِلَيْكَ بحارَ الموتِ زاخِرَةً

يمورُ فيهنَّ موجُ النَّقْعِ كالظُّلَلِ

وأَضْحَتِ الأَرضُ فِي رَحْبِ المَلا لُجَجَاً

سالَتْ عَلَيْهِمْ بِبِيضِ الهندِ والأَسَلِ

والأُسْدُ بارِقُةُ الأَلحاظِ فِي أَجَمٍ

من القنا بِحَبِيكِ البَيْضِ مُشْتَعِلِ

رَقَّتْ غلائِلُهُمْ سَرْداً كَأَنَّهُمُ

تَسَرْبَلُوا لُبْسَ رقراقٍ من الغُلَلِ

والصَّافِناتُ تَهادَى فِي أَعِنَّتِها

كالغِيدِ يرفُلْنَ بَيْنَ الحَلْيِ والحُلَلِ

وخافِقاتٌ كأَمثالِ الحَشا خَفَقَتْ

رَوْعاتِها خَطَرَاتُ الذعرِ والوَجَلِ

تزَيَّنَتْ بسُكونِ الجأْشِ ثابِتَةً

واسْتَشْعَرَتْ هَفَواتِ الطائِشِ الوَجِلِ

حَتَّى انْتَهى يَدَكَ العُلْيا وَقَدْ قُسِمَتْ

أَحشاؤُهُ بَيْنَ أَيْدِي الرَّيْثِ والعَجَلِ

إِذَا وَنَتْ بِخطاهُ هَيْبَةٌ حَكَمَتْ

عَلَيْهِ ثارَ بِهِ مُسْتَعْذَبُ الأَمَلِ

فوافَقَ البحرَ والآفاقُ تَكْنُفُهُ

من الرياحِ ووافى الشَّمْسَ فِي الحَمَلِ

وقابَلَ المجدَ والإِعظَامَ فِي مَلِكٍ

بالسعدِ مُسْتَقْبَلٍ للسعدِ مُقْتَبِلِ

مُتَوَّجٍ ببهاءِ الملكِ مُعْتَصِبٍ

ومُحْتَبٍ فِي رداءِ العزِّ مُشْتَمِلِ

بالجودِ مُغْتَبِقٍ بالحمدِ مُصْطَبِحٍ

فِي السَّبقِ منقطعٍ بالحِلْمِ مُتَّصِلِ

للهِ يومٌ من الأَيامِ فُزْتَ بِهِ

فَرْداً من المِثْلِ فِيهَا سائِرَ المَثَلِ

من بعدِ مَا وَعَظَتْهُ الحادِثاتُ بِمَنْ

أَرْدَتْ سيُوفُكَ من أَشياعِهِ الأُوَلِ

وكم تأَسَّفَ مِنْهُمْ فِي معاهِدَ قَدْ

آلَتْ معاهِدَ للأَحزانِ والهَبَلِ

وأَخضَلَ الدمعُ من أَجفانِ مُقْلَتِهِ

مجالَهُ فِي نجيعٍ منهُمُ خَضِلِ

فَلْتَهْنِكَ الرُّتَبُ العُلْيا الَّتِي قَصُرَتْ

عنهُنَّ سامِيَةُ البِرْجِيسِ أَوْ زُحَلِ

فاسْلَمْ ولا زَالَ عِزُّ الملكِ مُتَّصِلاً

من يَعْرُبٍ وبنيهِ حَيْثُ لَمْ يَزَلِ

في خَفْضِ عَيشٍ ومُلْكٍ غيرِ مُنْفَصِمٍ

وظلِّ عزٍّ وأَمنٍ غيرِ مُنْتَقِلِ