بفتح الفتوح وسعد السعود

بِفَتْحِ الفُتُوحِ وسَعْدِ السُّعُودِ

وعِزِّ العزيزِ وحَمْدِ الحَمِيدِ

تَدَرَّعْتَ صَبْراً تَجَلَّى بِنَصْرٍ

وأَوْفَيْتَ شُكْراً وَفى بالمَزِيدِ

فَمِنْ يَوْمِ عِيدٍ إِلَى يَوْمِ فَتْحٍ

ومن يَوْمِ فَتْحٍ إِلَى يَوْمِ عِيدِ

وجُودٍ تَفَجَّرَ مِنْ نَارِ بَأْسٍ

وبَأْسٍ تَسَعَّرَ مِنْ بَحْرِ جُودِ

بِطَوْلٍ يُعِيدُ شَبابَ الكَبِيرِ

وهَوْلٍ يُشَيِّبُ رَأْسَ الوَلِيدِ

وسَعْيٍ يزيدُ مَدىً كُلّ يَوْمٍ

إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَدىً من مَزِيدِ

فَلَوْ عَلِمَ البَدْرُ عَمَّ السَّماءَ

أَوِ البَحْرُ جَلَّلَ وَجْهَ الصَّعِيدِ

فَكَمْ صَبَّحَتْكَ بِفَتْحٍ قَرِيبٍ

سُرى لَيْلَةٍ ذَاتِ صُبْحٍ بَعِيدِ

وكَمْ حَمَلَتْ منكَ بَيْدَاءُ قَفْرٍ

إِلَى الكُفْرِ من يَوْمِ حَيْنٍ مُبِيدِ

بِكُلِّ كَمِيٍّ لأُمٍّ نَزُورٍ

ومن راحَتَيْكَ لأُمٍّ وَلُودِ

يُجيبُ إِلَيْكَ صَرِيخَ المُنادِي

بِأَنْزَعَ مِنْ قَلْب صَبٍّ عَمِيدِ

ويَلْقى وَجُوهَ الأَهاوِيلِ عَنْكَ

لِقاءَ هَوىً مَا لَهُ مِنْ صُدُودِ

إِذَا قَتلَ الحَزْنَ والسَّهْلَ وافى

نُفُوسَ العِدى من يَدَيْ مُسْتَقِيدِ

وكُلِّ جَوَادٍ نَمَتْهُ يَدَاكَ

فأَعْرَقَ فِي سَرْوِ بَأْسٍ وَجُودِ

رَعى بكَ كُلَّ حِمىً لَمْ يَرُعْهُ

صَرِيخُ المُنادِي بِهادٍ وَهِيدِ

تَضَمَّنَهُ خافِقات البُرُوقِ

تَلأْلأُ فِي مُصْعِقَاتِ الرُّعُودِ

وأَوْرَدْتَها كُلَّ ماءٍ حَماهُ

بَرِيقُ السُّيُوفِ وَزَأْرُ الأُسُودِ

سَرَيْتَ فَأَلْحَقْتَ لَيْلاً بِلَيْلٍ

وسِرْتَ فَوَصَّلْتَ بِيداً بِبِيدِ

كما قَدْ وَصَلْتَ حِبالَ الغَرِيبِ

وَقَرَّبْتَ مَأْوى القَصِيِّ البَعِيدِ

ونادى نَدَاكَ عَلَى الأَرْضِ حَيَّ

عَلَى مُسْتَقَرِّ الشَّرِيدِ الطَّريدِ

وجَيْشٍ عَقَدْتَ لَهُ فِي الجِهادِ

لِواءً سَما بِوَفاءِ العُقُودِ

فَزَادَ الضُّحى مِنْ سَنا الشَّمْسِ نُوراً

ولَيلَ السُّرى فِي نُجُومِ السُّعُودِ

وأَصْبَحْتَ أَعلى جِبالِ الأَعادِي

تُزَلْزِلُها بِجِبالِ الحَدِيدِ

فَرُعْتَ الصَّياصِي بِشُعْثِ النَّوَاصِي

وأَبْناءِ قُوطٍ بأَبْناءِ هُودِ

بِكُلِّ نَجِيبٍ نَمى فِي تُجِيبَ

بِمَجْدِ الجُدُودِ وسَعْدِ الجُدُودِ

لَهُ فِي المَدى كُلُّ بَحْرٍ طَمُوحٍ

وفَوْقَ العُلا كُلُّ قَصْرٍ مَشِيدِ

مَناقِبُهُمْ لِصُدُورِ الدُّهُورِ

عُقُودٌ نُظِمْنَ نظامَ الفَرِيدِ

ومُلْكُكَ سِلْكٌ لِذَاكَ النِّظَامِ

وأَنْتَ وَسِيطٌ لِتِلْكَ العُقُودِ

فَأَسْرَيْتَ بَيْنَهُمُ يَا ابْنَ يَحْيَى

كَبَدْرٍ سَرى بَيْنَ زُهْرِ السُّعُودِ

رُجُوماً رَمَيْتَ بِهَا فِي الضَّلالِ

عَلَى كُلِّ شَيْطَانِ كُفْرٍ مَريدِ

تُذَكِّرُهُمْ بِذُبالِ الرِّماحِ

صِلاءَهُمُ النَّارَ ذَاتَ الوَقُودِ

وتُرْهِقُهُمْ كُلَّ طَوْدٍ يفَاعٍ

يُمَثِّلُهُمْ رَهَقاً فِي صَعُودِ

وَمَا فات صَرْفَ الرَّدى مَنْ عَلَيْهِ

لِنَصْرِكَ عَيْنُ رَقِيبٍ عَتِيدِ

ولَوْ كَانَ وَعْداً لأَنْجَزْتَ لكِنْ

خُلِقْتَ خَلِيقاً بِخُلْفِ الوَعِيدِ

ولو شِمْتَ سَيفَكَ فِي صَدْرِ كِسْرى

وَقَيصَرَ بَيْنَ الطُّلى والوريدِ

لما نِلْتَ حَقَّكَ سَعْياً وهَدْياً

ولا بَعْضَ ثارِ أَبِيكَ الشَّهيدِ

وفي اللهِ أَكْفَأْتَ كَأْسَ المَنامِ

وسُمْتَ جُفُونَكَ فَقْدَ الهُجُودِ