تسليت حتى أنسي الهائم الهما

تَسَلَّيْتَ حَتَّى أُنْسِيَ الهائِمُ الهَمَّا

وأَغْنَيْتَ حَتَّى أُعْدِمَ المُعْدِمُ العُدْمَا

وإِلّا فكيفَ اغتالَتِ القُطْبَ والسُّها

وعارَضَتِ الجوزاءَ واعْتامَتِ النَّجْما

وكيفَ دَنَتْ منكَ الخطوبُ وَمَا رَجَتْ

بساحَةِ من والاكَ ظُلْماً ولا هَضْما

وكيفَ ابْتَغَتْ للسُّقْمِ عِنْدَكَ موضِعاً

وأَنتَ الَّذِي يشفي الإِلَهُ بِهِ السُّقْما

وكم رُعْتَها بالسَّيْفِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ

فإِنْ أَقْدَمَتْ يَوْماً ففِي بَسْطِكَ السَّلْما

أَلا أَقْدَمَتْ فِي حَوْمَةِ الموتِ والرَّدى

تُطارِدُهُ حمرا وتبهره قدما

وَهَلَّا وأَبْصارُ الكُماةِ شواخِصٌ

وبِيضُ الظُّبى تَحْمى وسُمْرُ القَنا تَدْمى

وَمَا كَانَتِ الحُمَّى بأَوَّلِ كاشِحٍ

سَعى لَكَ بالبُؤْسَى فجازَيْتَهُ النُّعْمَى

فأَوْلَيْتَها الصَّبْرَ اللَّجوجَ إِلَى العِدى

وَعَرَّفْتَها الصَّبْرَ الخَرُوجَ من الغُمَّى

ومن قبلُ مَا أَوْسَعْتَها صَدْرَ صافِحٍ

ونفساً يَلَذُّ المِسْكَ أَنفاسُها شَمَّا

فإِنْ جُدِّدَتْ فِي بُعْدِها لَكَ صِحَّةٌ

فمِنْ بَعْدِ أَنْ زَوَّدْتَها الطِّيبَ والحلْما

وإِنْ تَلْقَ جِسْماً بعد جِسْمِكَ فِي الورى

وكَيْفَ بِهَا أَنْ تَرْتَضِي بَعْدَهُ جِسْما

فَقَدْ أَهْدَتِ البُشْرى إِلَيْهِ وأَفْرَغَتْ

عَلَيْهِ السُّرورَ المَحْضَ والكَرَمَ الجَمَّا

وَمَا نَقَصَتْ منكَ الليالي فَعُوَّدٌ

عَلَيْكَ بِهِ إِلّا الخَطِيئَةَ والإِثْما

وعندَ ذُبُولِ الرَّوْضِ يُرْجى لَهُ الحَيا

وعِنْدَ محاقِ البدرِ يَسْتَقْبِلُ التِّما

ومَنْ يَصْلَ نارَ الحربِ فِي جاحِمِ الوغى

فلا غَرْوَ أَن يَحصى حشاهُ وأَنْ يَحْمى

ولا عَجَبٌ من وَهْن جسمٍ تعاوَرَتْ

قواهُ الحصونَ الصُّمَّ والمُدُنَ الشُّمَّا

فَبَسْطَةُ باعٍ جازَتِ الوَهْمَ والمدى

ورَحْبُ ذِراعٍ حازَتِ العُرْبَ والعُجْما

فإِنْ يَبْقَ من شكواكَ باقٍ فَهَذِهِ

تمائِمُكَ اللاتي شَفَيْتَ بِهَا قِدْما

خيولاً كساها الجَوُّ نُوراً فأَقْدَمَتْ

مُحَجَّلَةً غُرّاً وإِنْ نُتِجَتْ دُهْما

وبيضاً تَشَكَّتْ من شَكاتِكَ وَحْشَةً

بما أَنِسَتْ حَتَّى قَرَنْتَ بِهَا العَزْما

وسُمْراً كَأَنَّ الليلَ لما سَرَيْتَهُ

كَسا كُلَّ لَدْنٍ من كواكِبِهِ نَجْما

وكُلَّ غَريقٍ فِي الحديدِ كَأَنَّما

تَسَرْبَلَ من غَزْلِ الغزالَةِ واعْتَمَّا

تهاوَتْ بِهِ الأَهواءُ حَتَّى أَمَمْتَهُ

إِلَى طاعَةِ الرحمنِ فانْقَادَ وائتَمَّا

فلم يَدْرِ إِلّا ظِلَّ مُلْكِكَ مَوْطِناً

ولا والِداً إِلّا لَدَيْكَ ولا أُمَّا

ويا ذَا الرِّياساتِ افْتَتِحْ فَقَدِ انْجَلَتْ

فواتِحُكَ اللاتِي ضَمِنَّ لَكَ الحَتْما

ويا مُنْذِرَ الراياتِ والسَّابحاتِ قُمْ

فأَنْذِرْ عِداكَ الذُّلَّ والخِزْيَ والرَّغْما

ونادَتْ بكَ الدنيا أَبا الحَكَمِ احْتَكِمْ

بِحَوْلِ الَّذِي أَلقى إِلَى يَدِكَ الحُكْما

وأَوْفِ عَلَى العَلْياءِ واسْتَوفِ أَنعُماً

حباكَ الَّذِي يَحْبُو بأَجْزَلِها قِسْما