سلام على مستودع الروح والنفس

سلامٌ عَلَى مُسْتَوْدَع الرُّوحِ والنَّفْسِ

وذُخْرِ غَدي مِمَّا انْتَحَبْتُ لَهُ أَمْسِ

بِحَيْثُ تَخَطَّيْتُ المنايا إِلَى المُنى

وآنَسَ وَحْشِي بالفَلا كَرَمُ الأُنْسِ

وحيثُ اعْتَلى بِالمُعْتَلِي صَوْتُ رائِدِي

مُهِلّاً إِلَى خِمْسِي بأَنْمُلِهِ الخَمْسِ

وحَيْثُ سَقى يَحْيى حياتي فأَيْنَعَتْ

لَهُ من ثَنائِي زَهْرَةُ الجِنِّ والإِنْسِ

فمِنْ يَدِ أَنفاسِي إِلَى مُنْتَهى الدُّنا

ومن خَطِّ أقلامي إِلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ

شوارِدُ لَوْلا حِلْمُ يَحْيى دَنا بِهَا

لَجَلَّتْ أَدَانِيها عَنِ الشَّمِّ واللَّمْسِ

فكَيْفَ بأَنْ أُزرِي بِهَا فأَبِيعَها

كَمَا زَعَمَ الواشُونَ بالثَّمَنِ البَخْسِ

وكَمْ فَتَّقَتْ فِي الأَرضِ من وَقْرِ مَسْمَعٍ

وكم أَنْطَقَتْ بِالحَمْدِ من أَلْسُنِ خُرْسِ

ثناءٌ عَلَى مَنْ رَدَّ رُوحي رَوْحُهُ

وَقَرَّبَ أَنفاسَ الحياةِ من النَّفْسِ

فهلْ أنا مُسدٍ لُبْسَ هَجْوِي لِمُنْعِمٍ

كساني فَسَدّى من هِجاءِ اسْمِهِ لِبْسِي

فأَصبحتُ مِنْهُ فِي حُلىً لَوْ أَفَكْتُها

لَطُفْتُ بِهَا فِي الأَرْضِ تَنْضَحُ بِالرِّجْسِ

وهل أَنا عَنِّي خالِعٌ تاجَ عُرْفِهِ

فأَهْوِي بِهِ فِي هُوَّةِ الخَسفِ والنَّكْسِ

كَأَنِّيَ قَدْ أنهَجْتُ لبسِي من الهُدى

وأَصْبَحْتُ من مِنْهاجِ جَدِّكَ فِي لَبْسِ

وأَنْكَرْتُ حَقَّ اللهِ فيكُمْ مَوَدَّةً

عَلَى كلِّ مَنْ أَمْسى عَلَى الأَرْضِ أَوْ يُمْسِي

وحَطِّيَ رَحْلِي مِنْكَ بَيْنَ مَكارِمٍ

يُمَزِّقْنَ عَنِّي راكِدَ الظُّلَمِ الطُّمْسِ

وبحْرُكَ لي يختالُ بالخَيْلِ والمَها

وبَرُّكَ لي ينهلُّ بالبِرِّ والأُنْسِ

فَمنْ ذا الَّذِي مِنْ بُعْدِ أَرْضِي ومَشْهَدِي

تَخَبَّطَهُ شيطانُ ضِغْني من المَسِّ

فدبَّ بما لَوْ سامَني الخوفُ ذِكْرَهُ

لَما جالَ فِي وَهْمِي ولا دَبَّ من حِسِّي

ولو رُدَّ فِيَّ الرُّوحُ من قَتْلِ قاتِلٍ

لما باتَ من ذمِّي وعَتْبي عَلَى وَجْسِ

وكيفَ بكُفْرِي من هَدى وابْنُ مَنْ هَدى

أَبُوكَ ويُمْناكَ الَّتِي أَثمَرَتْ غَرْسِي

وهَبْني ذَمَمْتُ العالَمِينَ فكيفَ لي

بذَمِّيَ من أَوْدَعْتُ راحَتَهُ نَفْسِي

وإِنَّ اختِلاقَ الغدرِ عَنِّي لِحَاسِدٍ

لأَدْنَى لَهُ أَن يَصْبِغَ الشمسَ بالنِّقْسِ

وإِنَّ أخا غَسّانَ عِندي لَذو يَدٍ

بِكَ ابْتاعَ مِنِّي شُكْرَها غَيْرَ ذِي وَكْسِ

غداةَ تَجَلَّى لي بذكرِكَ فاجْتلى

عَرُوسَ ثنائي فيكَ مشهودَةَ العُرْسِ

فلم يُلْفِ صدرِي خامداً نارُ شَوْقِهِ

إِلَيْكَ ولكِنْ ضَمَّ قَبْساً إِلَى قَبْسِ

ولا زادَني فِي حفظِ عهدِكَ بَسْطَةً

سِوى أَنَّ حفظَ العِلْمِ أَثْبَتُ بالدَّرْسِ

وطِيبُ حديثي عنكَ صادَفَ مُصْغِياً

لأَفْصَحِ مُقتصٍّ وأَرْبَحِ مُقْتَسِّ

فراسلَ نَشْري عنك شدواً بشَدْوِهِ

ونادَمَ حَمْدِي فيكَ كأْساً إِلَى كَأْسِ

أَياديكَ فِي أُولى الزَّمانِ وإِنَّها

لأَدْنى إِلَى ذكرِي ونشريَ من أَمْسِي

لَياليَ فِي مأْواكَ أَمْني منَ الرَّدى

وَفِي ظِلِّكَ الممدودِ نشْرِي من الرَّمْسِ

ومَضْجَعُ طِيبِ النَّومِ فِي أَمَدِ السُّرى

ومشرَبُ عَذْبِ الماءِ فِي مُنْتهى الخِمْسِ

فلا زالَ دينُ اللهِ منكَ بِمَعْقِلٍ

منيعٍ وسَمْكُ الحقِّ منكَ عَلَى أُسِّ

ولا رَمَتِ الأَقدارُ عنكَ مُعَانِداً

بأَفْوَقَ مفلُولِ الغِرارِ ولا نِكْسِ

ولا ماتَ من والاكَ من غُرْبَة النَّوى

ولا عاشَ من عاداكَ من عَثْرَةِ التَّعْسِ