طاعت لك الأحرار باستعبادها

طاعَتْ لَكَ الأَحرارُ باستعبادِها

وأَباحَتِ الأَملاكُ صَعْبَ قِيادِها

فلأَخْمَصَيْكَ اليومَ حُرُّ وُجُوهِها

ولوَطْءِ خيلِكَ أَمْسِ حُرُّ بِلادِها

ما زِلْتَ تخطْبُ بالظُّبى أَرواحَها

حَتَّى أَتَتْكَ بِهِنَّ فِي أَجسادِها

وتُحَمِّلُ الخَطِّيَّ أَرْؤُسَها فقد

جاءَتْكَ تحملُها عَلَى أَكْتادِها

من بعدِ مَا قَدْ رُعْتَها بعزائِمٍ

هُدَّتْ لَهُنَّ الشُّمُّ من أَطوادِها

وخَلَتْ متونُ الخيلِ من أَبطالِها

ومرابِضُ الآجامِ من آسادِها

ومشاهِدُ البِيعاتِ من عُمَّارِها

ومعالِقُ الصُّلْبانِ من عُبَّادِها

حَتَّى تلافَتْ منكَ باستسلامِهِ

مَا كَانَ أَعْجَزَها بِحَرِّ جِلادِها

ورَمى ابْنُ شَنْج إِلَيْكَ نَفْس مُحَكِّمٍ

نَهَجَ الخضوعُ لَهَا سبِيلَ رَشادِها

مُسْتَعْطِفاً لحُشاشَةٍ من مُلْكِهِ

وثُمالَةٍ قَدْ آذَنَتْ بنفادِها

فاسْتَنْقَذَتْهُ منكَ عودَةُ مُنْعِمٍ

قامت لمهجَتِهِ مقامَ مَعادِها

وثَنى نواجِذَهُ وفِلْذَةَ كِبْدِهِ

شَفَقاً وناظِرَ عَيْنِهِ وسوادِها

فسما يخُوضُ إِلَيْكَ بَحْرَ كتائِبٍ

ضاقَتْ جنودُ الأَرضِ عن أَجسادِها

في سابِغاتِ دُرُوعِها ومُثَقَّفا

تِ رِماحِها ومُسَوَّماتِ جِيادِها

نِيطَتْ نجومُ السَّعْدِ مِنْ أَعلامِها

وغَدَتْ جنودُ النَّصرِ من أَمْدادِها

غازٍ لعَطْفِ العامِرِيِّ مجاهِدٌ

فِي طاعَةِ المنصورِ حَقَّ جِهادِها

مستنجِدٌ منه مَذَلَّةَ خاضِعٍ

غَنِمَ الحياةَ أَبُوهُ باستِنْجادِها

فَحَمَتْهُ طاعتُكَ الَّتِي لَوْ خانَها

طارَتْ إِلَيْهِ البِيضُ من أَغمادِها

حَتَّى أَناخَ بعَقْوَةِ المَلِكِ الَّتِي

قَدْ حَلَّقَ العَيُّوقُ دُونَ وِهادِها

ومليكِ قَحْطانَ الَّذِي وَكَلَتْ بِهِ

إِحياءَ مَفْخَرِها ورَفْعَ عِمادِها

صَفْوِ الملوكِ الصِّيدِ من أَذْوائِها

وسُلالَةِ العُظَماءِ من أَمجادِها

وسَنِيِّها وعَلِيِّها وزَكيِّها

وحليمِها وكريمِها وجوادِها

فاسلَمْ لِعِزِّ الدينِ والدنيا الَّتِي

أَصْبَحْتَ أَنْفَسَ ذُخْرِها وعَتادِها

حَتَّى تُؤَدِّيَ شكرَ سَعْيِكَ أُمَّةٌ

وَطَّأْتَ فِي نُعْماكَ خَفْضَ مِهادِها

خُضْتَ المهالِكَ دونَ صَفْوِ حَياتِها

وَهَجَرْتَ غَمْضَكَ عن لذيذِ رُقادِها

بلَغَتْ سِجالُكَ مُنْتَهى رَغَباتِها

وتجاوَزَتْ نُعماكَ شَأْوَ مُرَادِها

واللهُ يشهدُ أَنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي

نفْساً رجاؤُكَ فِي صَميمِ فؤادِها

لَوْ قارَعَتْ عنكَ الخلائِقِ كلَّها

غَلَبَتْ عَلَيْكَ بشكرِها ووِدادِها