عزاء وأنت عزاء الجميع

عزاءً وأنتَ عَزَاءُ الجَمِيعِ

ومن ذا سِواكَ لِجَبْرِ الصُّدوعِ

ومَنْ ذا سواك لرُزْءٍ جليلٍ

تُسَلِّيهِ أو لمقامٍ فَظيعِ

ولولاكَ مَا كانَ بالمستَطاعِ

جَوىً مَا لأدناهُ من مُسْتَطِيعِ

لَهَبَّ العويلُ هبوبَ الرِّياحِ

فَعفَّى السُّلُوَّ عَفاءَ الرُّبوعِ

وفُلَّتْ ظُبى كُلِّ عَضْبٍ صقيلٍ

وَهُبَّتْ ذُرى كلِّ سُورٍ مَنيعِ

وأقبَلَتِ الخيلُ من كلِّ أوْبٍ

تَجُرُّ أعِنَّةَ ذُلِّ الخضوعِ

لِنَجْمٍ تَلألأَ للآمِلينَ

فَغُوِّرَ عنَّا بُعَيْدَ الطُلوعِ

وغيْمٍ تَدَفَّقَ لِلرَّاغِبينَ

فأقشَعَ عندَ أوانِ الهُمُوعِ

فيا صَدْرُ هاتِ زفيرَ الضُّلوعِ

ويا عَيْنُ هاتي غَزيرَ الدُّموعِ

لأُسْعِدَ فيهِ بُكاءَ السماءِ

بِذَوْبِ الهجيرِ وَصوبِ الرَّبيعِ

كَصَوْبِ خوافِقِهِ فِي الحَبيكِ

وصَوتِ مَغافِرِهِ فِي الدُّروعِ

وأجنادِهِ فِي فضاءِ الثُّغورِ

تَرُوعُ الأعادِيَ مِنْ كُلِّ ريعِ

بسُمْرٍ تُفَجِّرُ من كُلِّ صَدْرٍ

مَقَرَّ النفوسِ ودَرَّ النَّجيعِ

وبِيضٍ تفيضُ عَلَى المُلْحِدِينَ

بموتٍ ذُعافٍ وسُمٍّ نَقيعِ

وجُرْدٍ يُنَفِّضْنَ أعرَافَهُنَّ

عَلَى كُلِّ مَصْرَعِ غاوٍ صَريعِ

فَفُزْ يَا مُظَفَّرُ مِمَّنْ شَجاكَ

بِأَكْرَمِ ذُخْرٍ وأزكى شَفِيعِ

تُصافِحُهُ عندَ بابِ الجِنانِ

وتعلُو بِهِ فِي المَحَلِّ الرَّفيعِ

وفي ذِمَّةِ اللهِ أصْلٌ كريمٌ

يُسكِّنُ من فقدِ بعضِ الفُرُوعِ

بِطْولِ بقاءٍ يَفي بالزَّمانِ

وصَفْوِ حياةٍ تَفي بالجَميعِ