عمري لقد أعذر الدمع الذي وكفا

عَمْرِي لقدْ أَعْذَرَ الدمعُ الَّذِي وَكَفا

أَوِ اشْتَفى من تبارِيحِ الأَسَى وشَفَى

وَمَا غَناءُ دُموعِ العَيْنِ عن كَبِدٍ

حَرَّى ونِضْوٍ يُقاسِي الليلَ مُلْتَهِفا

يا ابْنَ الَّذِينَ لأَيدِيهِمْ وأَمْرِهِمُ

أَلقى الزمانُ قيادَ الذُّلِّ مُعْتَرِفا

ببأْسِهِمْ قامَ دينُ اللهِ منتصراً

من الحوادِثِ والأَعداءِ مُنْتَصِفَا

أَعْزِزْ عَلَى الدينِ والدنيا وأَهلِهما

خَطْبٌ سَما فارتقى من عِزِّكُمْ شَرَفا

غُصْنٌ من المجدِ عاذَ المسلمونَ بِهِ

هَبَّتْ عَلَيْهِ رياحُ النصرِ فانْقَصَفَا

للهِ من قَمَرٍ أَسْرَى العُفاةُ بِهِ

حَتَّى إِذَا مَا اسْتَوَى فِي أُفْقِهِ كُسِفا

سما إِلَى جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ مُعْتَلِياً

إِذْ لَمْ يَزَلْ مُسْتَهاماً بالعُلا كَلِفا

تِلْكَ المكارِمُ وَالَتْهُ فَعُلِّقَها

حُبَّاً شَهِدْتُ لقد أَوْدى بِهَا شَغَفَا

وسَهْمُ نصرٍ تُراعُ الحادِثاتُ بِهِ

أَضْحَى بسهمِ المنايا والرَّدَى قُذِفا

يا مَنْ رأَى الجودَ يَغْشى نَعْشَهُ شَغِفاً

بالهَمِّ مُرْتَدِياً بالحزنِ مُلتَحِفا

يدعوه حَتَّى إِذَا أَعْيا مُحاوَرَةً

نادَى فأَسْمَعَ صُمَّ الصخرِ وَا أَسَفا

وخلَّفُوهُ لديهِ رَهْنَ مَلْحَدَةٍ

حيرانَ يَلثُمُ بُرْدَ التُّرْبِ مُرْتشِفا

مبارِياً لدموعِ المزنِ مَا هَتَنَتْ

ومُسْعِداً لحمامِ الأَيْكِ مَا هَتَفا

قَدْ كَانَ من دُونِ ذَاكَ الغابِ لَيْثَ وَغىً

أَحْمَى العرينَ وَفِي تِلْكَ العُلا خَلَفَا

فاختارَهُ اللهُ فِي الدنيا لَكُمْ فُرُطاً

ذُخْراً وَفِي جَنَّةِ المأْوى لكُمْ سَلَفا

من بعدِ مَا اهْتَزَّ سيفُ النَّصْرِ فِي يَدِهِ

وصالَ غضبانَ من دُونِ الهُدى أَسِفا

وشَمَّرَتْ دونَ ذَاكَ الملكِ عَزْمَتُهُ

يَوَدُّ لَوْ كَرَّ صرفُ الدهرِ أَوْ زَحَفا

واسْتَشْرَفَتْ أَعيُنُ الأَبطالِ ناظِرَةً

أَيَّانَ يركبُ دِرْعَ الموتِ مُعْتَسِفا

والخيلُ قَدْ نَسَجَتْ سُفْلى سنابِكِها

من القتامِ عَلَى فُرسانِها كِسَفا

كَأَنَّهُمْ فِي لَبوسِ السابغاتِ ضُحىً

كواكِبٌ لبسَتْ من ليلها سُدَفا

والبِيضُ قَدْ غَشِيَتْ منهم سَنا غُرَرٍ

كَأَنَّها دُرُّ بَحْرٍ يسكُنُ الصَّدَفا

فاسلَمْ ولا زالَ شَملُ الكفر مُفترِقاً

بالسيفِ مِنكَ وشملُ الدينِ مُؤْتَلِفا

واستَقْبِلِ العيدَ مَسْروراً ولا بَرِحَتْ

تُهدِي الليالي إِلَيْكَ العِزَّ مُؤْتَنِفا

وليَهْنِكَ الفوزُ والزُّلفى وأَنفسُنا

يلقينَ من دونِكِ التَّبْرِيحَ والأَسَفا