فداؤك من لو كان في وسعه الفدا

فِداؤكَ من لَوْ كَانَ فِي وُسعِهِ الفِدا

للاقى الأسى من دونِ نَفسِكَ والرَّدى

فلم تُضحِ من صرفِ الزمانِ مُرَوَّعاً

ولا بِتَّ من ليلِ المنونِ مُسَهَّدا

ولا راعَ منك الصبحُ سِرباً مُسَوَّماً

ولا هَزَّ عنكَ الليلُ مَثوىً مُمَهَّدا

ولم تَجِدِ الشكوى لِعَلْيَاكَ مُرتَقىً

ولا النائباتُ فِي سَماِئكَ مَصعَدا

ولا الحُزنُ فِي رَوْضاتِ عِزِّكَ مَرتَعاً

ولا الهمُّ فِي أرجاءِ بَحرِكَ مَورِدا

ولا ماءُ دَمْعٍ فِي جفونكَ مَسلَكاً

ولا نارُ وَجْدٍ فِي ضلوعِكَ مَوقِدا

وأصبَحَ جَدِّي حِينَ أفديكَ طائِعاً

بنفسِيَ أحظى بالوفاءِ وأسعَدا

ومالي لا أفدِي المكارِمَ والعُلا

وناهِجَ سُبلِ الفضلِ والجودِ والندى

ولكِن أرى مِنْ سَلِّ رأيِكَ للنُهى

وسعيِكَ للحسنى وَهدْيِكَ للهُدى

لقاءَكَ مَا لُقِّيتَ إلّا تَصَبُّراً

وحملَكَ مَا حُمِّلتَ إلّا تَجَلُّدا

مُرَزَّأَ أفلاذِ الفؤادِ مصائِباً

توالت بِهَا الأيامُ مَثَنىً ومَوحَدَا

فلم تَبدَ إلّا كُنتَ بالصَّبرِ بادِياً

ولا عُدنَ إلّا كنتَ بالعَودِ أحمدا

جَدِيراً وَقَدْ أشجاكَ فقدُ مُحَمَّدٍ

بِسَلوَةِ ذِكرَاكَ النَّبيَ مُحَمَّدَا

لِتقتَضِيَ الأَجرَ الجَزيلَ مُضَاعَفاً

وتَشتمِلَ الصَبرَ الجَمِيلَ مُمَدَّدَا

بأعلى مِنَ النَّجمِ الَّذِي غَارَ مُقتنىً

وأزكى منَ الغُصْنِ الَّذِي

هِلالاً يُسامِي فيكَ مَجرىً ومَطلعَاً

وفَرعاً يبارِي مِنكَ أصلاً ومَحتِدا

تَتِمُّ بِهِ النُعمى ويُسلى بِهِ الأَسى

وتَبأى بِهِ الدنيا ويَشجى بِهِ العِدى