ما أطبق الهم إلا ريثما انفرجا

مَا أَطْبَقَ الهَمُّ إِلّا رَيثَما انْفَرَجَا

ولا دَجا الخطبُ إِلّا وَشْكَ مَا انْبَلَجا

مَا كادَ يبدو الضُّحى بالحزنِ مُكْتَئِباً

حَتَّى رأَيْنا الدُّجى بالنورِ مُنْبَلِجا

فاليومَ قَدْ لَبِسَ الإِظلامُ ثَوْبَ سَناً

فِي عُقْبِ مَا لَبِسَ الإِصباحُ ثوبَ دُجَى

وأورقَتْ شَجَرُ الدنيا لَدُنْ عَرِيتْ

وعادَ يشدو حمامُ الملكِ إِذ نَشَجَا

بَشَّر بالشَّمْسِ إِشْراقُ الضُّحى فَشَفَى

فِي إِثْرِ ناعٍ نَعَى نجمَ الهُدَى فَشَجا

رُزْءٌ حَكَى كَظَمَ الأَرواحِ أَعْقَبَهُ

صُنْعٌ أَعادَ إِلَى أَوْطانِها المُهَجَا

فأَصْبَحَ المُلْكُ لا رَبْثاً ولا خَلَلاً

وأَصبحَ الدِّينُ لا أَمْتا ولا عِوَجا

فَلْتَهْنِنا نِعَمُ الرحمنِ حينَ هَدَى

بِعَبْدِهِ سُبُلَ الحقِّ الَّذِي نَهَجا

بِناصِرِ الدِّينِ والإِسلامِ مُفْتَتِحاً

بِيُمْنِهِ كُلَّ بابٍ للمُنى ارْتُتِجا

يا ابْنَ الَّذِي قادَ من أَذْواءِ ذي يَمَنٍ

عُرْفاً بعُرْفِ المعالِي والهدى وُشِجا

من ذا يُنازِعُكَ الملكَ الَّذِي عَمَرَتْ

بِهِ أَوائِلُكَ الأَحقابَ والحِجَجَا

وَفِي جبينِكَ سِيَما المُلْكِ قَدْ بَهَرَتْ

وَفِي يمينِكَ قِدْحُ الحقِّ قَدْ فَلَجا

ما كَانَ أَوَّلَ كَرْبٍ جَلَّ فادِحُهُ

دَجَا فكُنْتَ لَنَا من هَمِّهِ فَرَجَا

فرُبَّ دهياءَ من خَطْبٍ أَضَأْتَ لَنَا

آراءَكَ الزُّهْرَ فِي آفاقِها سُرُجا

ورُبَّ يومٍ وأَيَّامٍ كَشَفْتَ بِهَا

عَنَّا وعن مَلِكَيْكَ المَأْزِقَ اللَّحِجَا

وَعَزْمَةٍ لَكَ يومَ الرَّوْعِ صادِقَةٍ

تركْتَ صُمَّ الصَّفا فِي جَوِّها رَهَجَا

ولُجَّةٍ من صَفِيحِ الهندِ خُضْتَ بِهَا

من المنايا إِلَى نَيْلِ المُنى لُججا

وكَرَّةٍ بعدَ أُخرى فِي نَدى ووَغىً

بَنْيتَها لسماواتِ العُلا دَرَجَا

فما دَعَتْ غَيْرَكَ الآمالُ حينَ دَعَتْ

ولا رَجا غيرَكَ الإِسلامُ حينَ رَجَا

ولا أَتَتْكَ وفودُ الحمدِ عامِدَةً

إِلّا تَلَقَّتْكَ مشغوفاً بِهَا لَهِجا

ولا تَيَمَّمَكَ التأْميلُ مبتكِراً

إِلّا ووافاكَ بالإِنعامِ مُدَّلِجَا

ولا تَقَلَّبْتَ فِي مثوىً ولا سَفَرٍ

إِلّا وذِكْراكَ فِي حَلْقِ الضَّلالِ شَجا

ولا نجا منكَ ذو غِلٍّ ولا دَغَلٍ

إِلّا إِلَى حُكْمِكَ الماضِي عَلَيْهِ نَجا

صَبْرٌ كثَهْلانَ يومَ الرَّوْعِ مُتَّئِداً

جُودٌ كَسَيْحانَ يومَ المَدِّ مُعْتَلِجا

فيا مُعَادِيَهُ أَجْفِلْ ولا وَزَراً

ويا مُؤَمِّلَهُ أَسْرِفْ ولا حَرَجا

ولا تَزَلْ أَيُّهَا الدَّهْرُ السعيدُ بِهِ

بِوَجْهِهِ بَهِجاً مِنْ ذِكْرِهِ أَرِجَا