ما كفر نعماك من شأني فيثنيني

ما كُفْرُ نُعْماكَ من شأْني فَيَثْنِيني

عَمَّنْ توالى لنصرِ الملكِ والدّينِ

ولا ثنائي وشُكري بالوفاءِ بما

أولَيْتَني دونَ بذْلِ النفسِ يكفيني

حَقٌّ على النَّفْسِ أن تَبْلى ولو فَنِيتْ

في شكرِ أيسرِ ما أضحيتَ تُوليني

ها إنَّها نعمةٌ ما زالَ كوكَبُها

إليكَ في ظُلُماتِ الخطبِ يَهْدِيني

تَبْأَى بجوهَرِ وُدٍّ غيرِ مُبْتذَلٍ

عِندي وجوهرِ حَمْدٍ غيرِ مكنونِ

وحبذا النأي عن أهلي وعن وطني

من كل بر وبحر منك يُدنيني

وموقفٍ للنَّوى أغلَيْتُ مُتَّأَدِي

فيه وأرخَصْتُ دمعَ الأَعينِ العِينِ

من كلِّ نافِرةٍ ذَلَّتْ لِقَودِ يَدِي

في ثِنْي ما يَدُكَ العلياءُ تَحْبُوني

والحِذْرُ يخفقُ في أحشاءِ والهةٍ

تُرَدِّدُ الشَجوَ في أحشاءِ مَحزونِ

أجاهِدُ الصَّبْرَ عنها وَهيَ غافِلةٌ

عن لَوْعَةٍ في الحشا منها تُناجِيني

يا هَذِهِ كيفَ أُعْطِي الشَّوقَ طاعَتَهُ

وهذهِ طاعَةُ المَنصُورِ تَدْعُوني

شُدِيّ عَلَيَّ نِجادَ السيفِ أجْعَلُهُ

ضجيعَ جنبٍ نبا عن مَضْجَعِ الهُونِ

رَضِيتُ منها وشيكَ الشَّوقِ لي عِوَضاً

وقُلْتُ فيها للَوْعاتِ الأسى بِيني

فإن تَشُجَّ تباريحُ الهوى كَبِدِي

فقد تَعَوَّضتُ قُرْباً منكَ يأْسُرني

وإن يُمِتْ موقفُ التوديعِ مُصْطَبَرِي

فَأَحْرِ لي بدُنُوٍّ منك يُحْيِيِني

أو أفْرَطَ الحَظُّ من نُعماكَ منقلَبٌ

من الوفاءِ بحَظٍّ فيكَ مغْبونِ

وخازنٌ عنكَ نفِسي في هواجِرها

وليس جُودُكَ عن كَفِّي بمخزونِ

وأيُّ ظِلٍّ سوى نعماكَ يُلْحِفُني

أو وِردِ ماء سوى جدواكَ يُرْوِيني

وحاشَ للخيلِ أن تُزْهى عَلَيَّ بها

والبِيضِ والسُّمْرِ أن تَحظى بها دُوني

ورُبَّما كنتُ أمضى في مكارِهِها

قدماً وأثْبَتَ في أهوالِها الجُونِ

من كلِّ أبيضَ ماضي الَغربِ ذي شطبٍ

وكلِّ لَدْنٍ طرير الخد مسنونِ

كذاك شأوي مُفدَّىً في رضاك إذا

سَعَيْتُ فيهِ فلا ساعٍ يُبارِيني

لكن سهامٌ من الأقدارِ ما بَرِحَتْ

على مَراصِدِ ذاك الماء تَرْميني

يَحْمِلنَ للرَّوْعِ أُسداً في فوارِسِها

تَمْدُّ للطَّعْنِ أمثالَ الثَّعابِينِ

والبِيضُ تحت ظِلالِ النَّقْعِ لامعَةٌ

تَغَلغُلَ الماء في ظِلِّ الرَّياحِينِ

حتَّى يَجُوزوا لكَ الأرض التي اعترفتْ

بمُلكِ آبائكَ الشُّمِّ العَرانِينَ

حيثُ اسْتَبَوْا فارِساً والرُّوم واعْتَورُوا

رِقَّ الأساوِرِ منهم والدَّهاقِينِ